رثاء شهيدات المنوفية
[الكامل ] (الجزء الأول)
الشاعر أحمد عبد المقصود أحمد حسانين الضبع
إنَّ الفناءَ بِحَدّ سيفٍ يقطعُ /
متعهداً ألا تَجِفَّ الأدْمعُ
فإذا تناسي القومُ وقْعَ مُصيبةٍ /
كرَّت عليهم حادثاتٌ أفجعُ
تلك البراءة في أوان ربيعها /
ترنو إلى كسب الحلال وتقنعُ
رغَباتُها سترٌ وبعض تعلُّمٍ /
بعضُ الدَّراهمِ قد يفيد وينفعُ
ما أدركت في عُمرها غيرَ التقي/
ومطالبٌ نحو المهيمنِ تُرفعُ
عبَثُ العواهر ما عرفنَ سبيلَه /
خبثُ المظاهرِ للخطيئة يدفعُ
كيف السبيلُ إلي قلوبٍ قد أبت /
قُبحَ الفعالِ فأصبَحَتْ لا تُخْدَعُ
أصبحنَ في طلَبِ الحلالِ جواهِراً
ولِكُلِّ جوهرةٍ وعاءٌ يُصنعُ
فإذا رجعْنَ إلي البيوتِ الحانية /
فالشمسُ قد عادت تضيئ وتسطعُ
فتحقَّقت أحلام إخوانٍ لهم /
وكذا السَّعادةُ دائماً ما تجمعُ
كمْ من أبٍ قدْ صارَ في عليائهِ/
لمَّا رأي نور البصيرة يرجعُ
يرجو بأن تغدو إلي عُرْسٍ لها
فيه السعادةُ والكفايةُ أنجعُ
حتَّي إذا حان الفراقُ وشؤمُه /
كُلُّ الأماكِنِ للمنيةِ موضِعُ
ومخالب الإهلاك في جسد الردي /
مُدَّت لها في كلّ شِبْرٍ أذرُعُ
جمعٌ من الفتياتٍ في كفِّ الردي /
في الله ما لاقت فتاةٌ تفزعُ !
أينَ الفرارُ ولا مفرَّ لهاربٍ /
والموتُ يطعنُ في القلوبِ ويصرَعُ
لَحَظَاتُ غدرٍ ما استفاقَ الشارد /
من هولها مما يراهُ ويسمعُ
صفحاتُهنَّ قد انتهت في لمحَةٍ/
وطوي الكتابَ من المنية إصبعُ
لم يرتضي من جمعِهِنَّ بواحده !
وكأنَّهُنَّ لأجلِ ذاكَ تجمَّعوا
فالأرضُ قاسيَّةٌ، وأينَ حنانُها
والدار من بعد الفجيعَةِ بلْقعُ
_______________________يتبع