( 2 )
في الخيمةِ
يتدرب أبنائِي على بناءِ بيوتٍ من كراتين "الأونروا" الفارغة؛
ليقولوا للعالم: إنَّ قصفَ الخيام
ليسَ نهايةَ القصِّة.
طِفْلَاتِي – في الطَّرفِ الآخر مِنها – يَلعبْنَ لعبةَ
الطَّهو قُبَيل كلّ أصيل،
يُقَلِّبْنَ الحِصِيّ على نارٍ خَيالِهِنَّ،
ثم يُحدِثْنَني عَن الصَّبر؛
كَوْن العشاءِ على وَشك أن يَحلمَ بِنَا.
يَجتَمِع الجَمِيع
على مَائدةٍ مَرسُومةٍ بالألوانِ،
ويتَعَارَكُون ضَحِكاً على مَن يأكل الهَوَاء أولاً.
إذا ما أظلمَ الليلُ وبَكَى أصغَرهمْ،
رَسَمْتُ له على قماشِ الخَيْمة قُرصَ رَغِيفٍ أبيض
لِيَلْتهمَهُ بِعينيه،
ثُمَّ يَسكُن قَرِيرَ العَين.
أمّا أنا أبِيتُ مُرتَقِباً قرص القمر
ليُطِلّ من ثُقبٍ أمام عينيَّ،
كي أُخادِعَ جوعي،
لَكِنّه سَرِيعاً ما يتَوراى،
فينتبهُ الجوعُ إِليَّ قبل أن أنام ...
يعلَم أنَّه الوَحِيد الذي ما زال يُضِيءُ للجَمِيع.
يَشتدُّ الحِصَارُ،
معَ ذَلكْ، لا يَنقَطِع الرَّجَاء،
ولا الحياة التي تتَشَبّث بِرَمَقٍ خَفِي،
أُحاولُ الهروبَ غرقاً في شطحاتِ الخيال:
ماذا لو أكلَ الجوعُ نفسَه،
وَخَلَّفَنَا نعِيشُ كَمَلَائكِ الله:
لا يأكلون، ولا يشربون؟
هكذا أقضِي اللّيل إلى مَطلِعِ الفَجر،
فأنامُ/ لا أنام، مع أولِ استئنافٍ للقاذفات،
تاركاً الجوعَ خلفي،
مُوقِناً أنّه سيُقصَفُ قَبْلِي،
خَوْفاً من أنْ يقولَ الحقيقة،
ولأنَّه وَحدَهُ مَنْ يحفظُ أسمَاءَنا
أكثرَ من وثائقِ "الأونروا"...!