تقييد
فتح السجّان له الباب، مبشّرًا بحريته. ركض خارجًا، متلهّفًا للهواء والفسحة. تعثر بخيط رفيع فسقط أرضًا. نظر حوله. وجد الجدران ترتفع من جديد. شباك زنزانته تُغلق عليه، هذه المرة من الداخل.
العيد
ترنّحَ فوق الرُّكامِ. شقَّ مُحيّاهُ ابتسامٌ مُضنًى وهو يَهتفُ خافتًا: "اليومَ مولدُها!" عادَ وِحدانِيًّا. رامقَ الصّورةَ: ضريحُها يبتسمُ.
الخيط
شدَّهُ الخيطُ الواهنُ إلى الهاوية. كلُّ ضوءٍ بدا نجاةً، كان يَلفُّ عنقَهُ أكثر. حين ظنَّ التحرر، انقطع الخيطُ. لم يسقط. وجدَ نفسَهُ يُمسكُ بزمامِ حبلِ مشنقته.
فزع
اقتات الصمت سنوات، ينسج شبكة بصبر خيطها الوحيد أنين خطواته البعيد. لم يطلب سوى نور خافت لعزلته. في ليلة عاصفة، ارتجف الجدار الفاصل، سقطت قطعة. نظر إلى الغرفة المقابلة: فارغة. لم تكن هناك. الصدى... صوته وحده.
صقيع الذاكرة
في محرابه، نحتَ وجهها بدقةٍ بالغة. كلما أذابَ جليدَ النسيانِ، تراءت تفاصيلها كاملة. اقترب ليتأمل عينيها، فارتطمت يده بالمرآة؛ لم يكن ينحت وجهها، بل شقائق وجهه هو في مرآة مهشّمة.
حسين بن قرين درمشاكي
كاتب وقاص ليبي