محمد هالي
يا بحر..
أمامك اليوم كتبخر الرؤيا من العلو،
تشمرت في مكان ناء من الموعد،
عن تبخر الموقد
و ذكريات شي السردين على السطح،
تُفرقنا مقهى،
و شارع يتيم على متم الصف
كان قوس قزح يُشيدُ على غروب الشمس،
يضيئ المجامر لهيبا،
على ترنم النوارس في الفضاء،
تتبدى سفن بعيدة،
تُضبب الرؤى على بسمات الموج،
و رائحة الفيض المتبخرة من نسيم السمك
و بعض متسكعي الصيد،
قصبات تطارد الماء
بين مد و جزر
فقراء يزحفون على المصب..
بائعو السمك
و أصحاب لقمة عيش مضنية
طهي يتيم قبالة الكورنيش..
و أنا و البحر
و شراع تخفت حينا
تلج الشط حينا
و طير يسبح حينا
تتطاير تقلبات الأحوال
على علو قابل للانبهار
كنتَ يا بحر ملاذي الأخير للبكاء
والصراخ ساعة الغضب
كنتَ للتأمل
تقْبلني عاريا
يدثرني بياض الملح
و دفئ الرمال المتبقية من صدفيات تعرية باهتة
الآن ختمت رحلتي من الرؤيا
من تطلع الأفق
من تبسم طحالب الشط
و غرور زوارق تائهة
و ذكريات أخ
و خفوت الصوت
صعوده حين يشتد وهج الفيض
و رحلة أبدية بلا موعد..
أتذكر سفن كثيرة
و بحر صابر في نفس المكان
أغاني مارسيلية ترتب المزاج
على نغم الرحيل
أتشمر الآن جنب البحر
من زاوية الحنين
من تبختر الغربة
و غدر السنين
من بقي؟
من غادر؟
فأنا باق على أشرطة الحضور
و الغياب
و أنت الغائب الحاضر
مهما طال
و يطول ترنح الريح
و هدوء بعد كل عاصفة.. يا بحر..
ها أنا أترنم على موعد
و انتظار يساعدني على تقبل الشفق
و عمق اللقاء فيما هو آت