1 - طلب العلم والمعرفة بين خطأ والصواب
طالب العلم والمعرفة بصفة عامة يحب عليه ألا يؤمن ويصدق كل ما تلقاه في الجامعة من دروس نظرية و ابداعية علمية و أدبية و أحداث تاريخية تم تدوينها .. فكل هذه العلوم والمعارف والأحداث وغيرها هي وضعية وليست اسنادية .. تحتمل الصواب والخطأ وظن والشك والقبول والرد .. مع مراعاة مؤلف الكتاب و صاحب النص والقائل .. وذلك بالنظر في سيرتة قبل مؤلفاته ... وهذا التحري على صدق القائل قبل النظر في أقواله وكتاباته هو إرث قديم قد ظهر مند القرن الأولى فقد روى عن محمد ابن سيرين أنه قال « لم يكونوا يسألون عن الاسناد فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيأخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يأخذ حديتهم ». وما أكثر مؤلفات أهل البدع في جميع الأزمنة وفي مختلف العلوم والمجالات.. فإذا قلنا مثلا : قال الشافعي ( 150 - 204 ه ) وكل علماء أهل السنة والجماعة يعرف من يكون الإمام الشافعي و هو عالم كبير من علماء اهل السنة و الجماع وصاحب المذهب الشافعي وهو أول من أسس علم أصول الفقه وغير ذلك ، أما قولنا أحمد ابن ابي دؤاد ( 160 - 240 ه ) فإنه كان قاضيا وعلما في زمانه من علماء المعتزلة وهو صاحب وصل ابن عطاء ، لكن عرف بالكذيب والتدليس في الأحاديث ونقل الأخبار ، وهو من الأوائل الذين ادعوا القول بخلق القرآن وأقنع الخلفاء العباسيين بهذا الأمر فكان أول من أشعل هذه الفتنة التي مات بسببها الكثير من علماء المسلمين .. وقد اشتهر عنه اتهمامه بالإلحاد والمروق من الدين .
ومن المعلوم أن الامام الشافعي و أحمد ابن ابي دؤاد عاشوا في نفس الحقبة الزمنية وفي نفس البلد ( العراق) قبل انتقال الشافعي إلى مصر وشتان بين الإمام الشافعي وأحمد ابن ابي داوود رغما أن كلاهما ينتسب إلى أهل العلم والمعرفة .. لكن أحمد ابن ابي دؤاد أخلد إلى الأرض وتبع هواه فكانت عاقبته عاقبة سوء . فكل عالم ومحدث وفقه وإمام وكاتب يحكم عليه أهل زمانه من العلماء الجهابدة العارفين بأحوال الرجال من خلال سيرته وعمله وقوله وفعله وصدقه أو كذبه.. وصدق الراوي والمؤلف هو مفتاح القبول عند أهل العلم أما من عرف بالكذب في الراوية ونقل الخبر والزياد والنقصان حسب هواه حكم عليه العلماء برد روايته وعدم قبول كل شيء يأتي من قبله من العلم والمعرفة وإن كان فيه شيء من الصدق رد عليه . فإذا كان علم الجرح والتعديل يدرس أحوال الرجال التقات وغير التقات بخصوص قبول روايتهم وردها .. وهذا العلم قديم وارث عربي إسلامي لا زال مستمراً إلى الأن .. لأنه يعالج قضية الصدقة والكذيب في مجال علم التأليف بصفة عامة ، فكذلك ما يدرسه الطالب و يقرأه من علوم وضعية حسب تخصصه في مختلف المجالات العلمية و خصوصاً الكتب والمجلدات المتعلقة بالشأن الديني وبالثرات العربي .. إضافة إلى ما يقرأه في بطون الكتب وصفحات الجرائد و المجلات وغير ذلك.. حيث يتعامل مع هذه العلوم والمعارف الوضعية بعض طلبة العلم على أنها حقائق ثابتة .. فيتخذها أدلة في نقاشه وجداله العلمي مع غيره بحيث يستدل بأقولهم ويحاج بها وهو يقول قال : فلان كذا وكذا في هذه المسألة وهو يحفظ أقوالهم ومؤلفاتهم ويجهل سيرتهم وحقيقة توجههم الديني والكلامي أقصد به انتمائهم المذهبي و الفرقي والسياسي وغير ذلك ، بل ينظر فقط إلى المؤلفاتهم التي اشتهروا بها بسبب مواقفهم الدينية أوالسياسية أو الإجتماعية التي تطرق إليها وغير ذلك ، وهم لا يعرفون مدى قوة المصداقية العلمية لهؤلاء المؤلفين الذين تناولوا هذه القضايا العلمية و الدينية والسياسية وغيرها ، هل تناولوها من المنظور الديني أو المادي أو العام أو الخاص أو الإنحيادي أو الإنحياز .. فقط يقول قال فلان أو كما قال علان .. وهو يدافع عن نفسه بأقوال هي في محل الرد عند أهل العلم وهو لا يعلم .. بل أنه يريد أن يظهر لغيره على أنه مثقف في صراعه الفكري مع غيره وهذا يدخل في دائرة التعصب الفكري البعيد عن العلم إلى الجهل المركب .
2 ـ تعدد المفاهيم والأراء و الأحزاب وتداخل المصطلحات يوجب الحيطة والحذر من الوقوع في الخطأ.
مع تعدد المفاهيم والأراء والأحزاب وتداخل المصطلحات العلمية مع غيرها .. في حالة لم يحدد نوعها .. فقد يقال كلام حسن وهو مجرد أي كلام حسن وقد يقال حديث حسن فهنا دخلنا إلى مصطلح علم الحديث وخرجنا من أي كلام حسن أخر... بحيث أن الطالب الذي يتلقى ويقرأ يتعامل مع تلقى من العلم والمعرفة الوضعية على أنها أدلة ثابتة هنا تكمن المشكلة حيث أن بعضهم ينزلها منزلة الأدلة النقلية الصحيحة وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ، وهذا يعتبر خطأ كبير يقع فيه كثير من طلبة العلم بسب قلة فقههم وسوء فهمهم .. بل يجب علي طالب العلم أن يكون مجتهذاً بحيث يبحث بنفسه ويتعمق في البحث ويقارن بين ما تلقاه في الجامعة من الدروس وما قرأه في بطون الكتب .. بحيت يعرض ما قرأه على ميزان الشرع وعلى الحقائق التاريخية المدونة من قبل رجال تقات الذين يشهد لهم بالصدقة والمصدقة العلمية وعدم الانحياز ولا يتهموا بالكذب ولا بتزوير الأحداث التاريخية لمصلحة فصيل معين . فالمستشرقين لا مصداقية لهم فيما يكتبون عن العرب والمسلمين والإسلام لأنهم منحازون دائماً إلى أصلهم ومعتقداتهم الغربية التى تعادي الإسلام وأهله .. وإن اليهود والنصارى اشتهروا بتزوير كتبهم السماوية كالتوراة والإنجيل ( العهد القديم والجديد) والمستشرقين ما هم إلا نصارى ويهود فلا يجب الاعتماد على كتاباتهم لكن من باب توسع في أبواب المعرفة والعلوم المادية.. لغرض المقارنة و الاستنتاج .. فقد قال النبي صلى الله عليه « حدثوا على بني إسرائيل ولا حرج » وبني إسرائيل هم اليهود والنصارى بعد انقصامهم ..ولأن اخبارهم مختلطة بين الصدق والكذب .. وما يكتبون في كل زمان ومكان ... وكذلك هناك كثير من الكتاب والمفكرين والمؤرخين العرب تلاعب بالتاريخ وبعقول الناس بانحيازهم إلى فصيل معين مذهبي أو طائفي أو سياسي وغير ذلك في الماضي والحاضر ، والآن كل يكتب تاريخ الحرب العدواية على غزة للأجيال القادمة كل يكتب العرب والمسلمين و اليهود والنصارى وغيرهم ولن تجد حقيقة ما وقع في غزة من ابادة جماعية وتدمير عظيم وفساد كبير في الأرض إلا عند المؤرخون الاسلاميون لأنهم يتحرو الصدق في ما يقولون ويكتبون . فجميع العلماء الذين يؤلفون الكتب والمجلدات .. في الماضي والحاضر والباحثين والمفكرين والكتاب بصفة عامة لذين يؤلفون في مجال البحث العلمي ..أقوالهم وكتابباتهم واجتهاداتهم الوضعية .. قابلة لنقد وللإنتقاد .. لتصديق والتكذيب والتشكك والتأويل .. أي أنها قابلة لأخذ والرد كما قال أنس إبن مالك رضي الله في مقولته المشهورة « كل يأخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر » يقصد قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى وإنما يوح إليه وهناك فرق كبير جداً لا يمكن أن يدرك بالعلم والتعلم .. لأن الوحي فوق اجتهادات العقل فهو منزلة لا يبلغه العقل البشري ، فالقرٱن الكريم هو وحي باللفظ والمعنى والسنة وحي بالمعنى وعبر عنه النبي بلفظه .. أما ما دونها من الأقوال والكتابات مختلفة و الاجتهاد العلمية والأدبية الفردية أو الجماعية وكل أنواع الإبدعات والكتابات الوضعية بصفة عامة هي محض البحث والدراسة والتجربية وهي في حد ذاتها يحب أن تخضع لميزان الأدلة النقلية خصوصاً إذا كانت تندرج ضمن العلوم الإنسانية الموجهة للحياة الإنسانية في مختلف المجالات المتعلقة بأموره الدنيوية والمعيشية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية .. والأخروية لأن الحياة الدنيا لا يمكن أن نفصلها على الحياة الأخروية لأن الأولى امتحان والثانية تظهر فيها نتيجة هذا الامتحان وهذا يدل على ارتباطهما. وإن من الخطأ الكبير أن طالب العلم يتلقى دروساً أو يقرأ في بعض الكتب ما قرأ فيصير يؤمن بما تلقى وبما قرأ .. ويجعل ما تلقى وقرأ هما حقيقة علمه يناقش بهما ويجادل بهما ويجعلهما منهجه في التواصل مع الطرف الآخر .. بدون أن يبحث عن هذا الذي تلقى و قرأ وعلم .. هل هو يحمل الحقيقة بعينها في مجال معين أم أنه هو ما أراد البعض أن يشحنه للطالب ..؟ بحيث يقف عليه و يكون هو حدد علمه ومنطلق تحليله ونقاشه وهو ما قرأه في الجامعة من اقوال وكتابات .. الوضعية التي يستدل بها على مسالة معينة كأنه يستدل بنص شرعي نقلي وهذا خطأ كبير ... لأن التاريخ والتراث العربي مليء بالكذب والأساطير والخرفات والاخترقات الكبيرة لأهل البدع والضلال والزنادقة وكذلك كتب المشتشرقين في مختلف المجالات.. وغيرهم من الكتاب هذا الزمان المنحازون للباطل وأهله .. وهذا الوضع يفرض علينا جميعاً إعادة تقيم كل ما درسنه وقرأنه بالبحث والعلمي الدقيق والاجتهاد المبني على النصوص النقلية التي تبين للمجتهد طريق الاجتهاد الصحيح البعيد عن الهوى .. فعلينا أن نبحث في هذا الأمر من جميع الجوانب التي تساعدنا على ادراك الحقيقة كما هي وليس كما درسنا وفرضت علينا أن نعرفها كما أراد البعض أن نعرفها بدون أن نبحث عن حقيقتها ، فالطالب في الجامعة ملزم أن يكتب في ورقة الامتحان ما درس وقرأ في مادة معينة حتى ولو كان ما سيكتب يخالطه الصواب والخطأ ويحتاج لبحث وإلى نقد وانتقاد. لأن الطالب يحب عليه أن يرى ما يرى استاذه ( قاعدة فرعون ) فهذا هو الطالب المتميز في نظرهم أما من يرى عكس ما يرى استاذه فهذا الطالب غير مؤهل بعد.
3 - ما درسنه في الجامعة قابل للأخذ والرد ( الماسونية اخترقت العالم العربي عن طريقة الحركة الإصلاحية الحديثة)
ما درسناه في الجامعة و ما قرأنه في بطون الكتب وفي صفحات الجرائد والمجلات وما سجل في صفحات التاريخ في القرن 19 وبداية القرن 20 حول ظهور مصطلح المركب ألا وهو " الحركات الإصلاحية الدينية الإسلامية الحديثة " بزعامة جمال الدين الافغاني ومحمد عبده وتلامدتهم .. سؤال: هل شهد العالم العربي والإسلامي في القرن 19 و بداية القرن 20 وجود حقيقي للحركات الإصلاحية الدينية الإسلامية الحديثة أم كانت هذه الحركات الإصلاحية الحديثة صناعة ماسونية لإختراق المجتمعات العربية والإسلامية من الداخل برجال من ابناء جلدتها... !؟
وقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا في (تاريخ الأستاذ) 1/49 " أن جمال الدين الأفغاني كان له نشاط ماسوني " . كيف لا يكون له نشاط ماسوني وهو رئيس المؤسس لفرغ الماسونية العالمية بالعالم العربي.
كما أنه هو المؤسسة لجمعيات السرية في مصر وفي كثير من الدول العربية والإسلامية. جاء في كتاب (الخبث والدهاء.. فى صناعة الزعماء والعلماء) " يعد الأفغانى أول من أدخل الجمعيات السرية فى مصر وباقى بلاد المسلمين، وكان حينما حل يؤسس الجمعيات السرية وينشرها فعندما دخل مصر أسس الحزب الوطنى الحر ولم يمض على تأسيسه عام واحد حتى أصبح أعضاؤه 20180 عضوا وأصبح له رصيد ضخم من المصارف/ وأنشأ جمعية (مصر الفتاة) وكان معظم أعضائها من شبان اليهود، وانشأ أثناء إقامته ف الهند جمعية العروة الوثقى السرية التى امتد نشاطها إلى الشام ومصر والسودان وتونس ومن خلال هذه الجمعيات السرية بث الأفغانى روح الثورة على المجتمعات الإسلامية بدعوى إصلاحها وحمايتها من الفساد " .
وكذلك قال الدكتور الرومي " أن محمد عبده كان له ارتباط قوي بكتاب تحرير المرأة لقاسم أمين " وأنا قمت بنقد هذاالكتاب في كتاب نقدي بعنوان « تحرير المرأة بين مفهوم أمين والنص الشرعي » و جدت فيه أقول لمحمد عبده نسبها قاسم أمين لنفسه وهنا تظهر إشكالية ثانية وهي : هل كتاب تحرير المرأة من تأليف قاسم أمين أو شارك في تأليفه محمد عبده .. !؟ ونحن نعلم خطورة هذا الكتاب على المجتمعات العربية والإسلامية في ذلك الزمان الذي كان يسود فيه الحياء والحشمة.. المؤخودة من القرآن والسنة والعرف والتقاليد المتوارثة جيلاً بعد جيل .. وكتاب تحرير المرأة لقاسم أمين يعتبر كتاب يندىج ضمن الكتب الفساد والمفسدة .. لأنه أول من دعى إلى تحرير المرأة من الدين .. و إلى سفورها و تبرجها في الشارع.. لأن هذا جائز شرعاً لا حرج فيه .. وهذا كذب .. وقد دعم محمد عبده هذا التوجه الاباحي لنشر الفاحشة في المجتمع الإسلامية عن طريق تعريت المرأة وتحريرها من قيود الدين تشبها بالمرأة الغربية... كما قال قاسم أمين ، فهل هذا هو التوجه لإصلاح المجتمع عند زعماء الحركات الإصلاحية التي يتزعمها جمال الدين الافغاني ومحمد عبد وتلامدتهم وعلى رأسهم قاسم أمين.. كما أن طه حسن طعن في القرآن وطلب باستبادل اللغة العربية باللغة الإنجليزية ، واللغة العربية هي لغة القرآن.
وهذا يأكد أن الماسونية اخترقت العالم العربي والإسلامي بزعماء الحركات الإصلاحية الحديثة في أواخر القرن 19 وبداية القرن 20 ، الذين مهدوا لها الطريق بشكل قانوني فأصبحت تسعي لتخريب المجتمعات العربية والإسلامية عن قرب ( من مصر ) بشكل قانوي لأنها منظمة شيطانية تختفي خلف ستار شعارات كاذبة بأنها تريد خدمت الإنسانية بعداً عن شيء اسمه الدين أو وحدة الدين بزعمها أنها تفصل الدين على السياسة .. والحقيقة أنها ما جاءت وما ظهرت أول مرة إلى لنشر دين المسيح الدجال الذي تؤمن بأنه هو ناصرها ومخلصها من الدين الإسلامي ومن المسلمين كما يزعمون ،فهم يؤمنون بأنهم سيحكمون الأرض بعد ظهوره لأنهم سيكونون اتباعه وجنوده و وزراءه .. لهذا يستعجلون خروجه ..و يهيؤوا له الظروف قبل خروخه... والماسونية ما كان لها أن تخترقه هذا الاختراق السريع و الكبير لدول العربية والإسلامية بلا دعمهم. والإنسان المتثف لا يمكن أن ينكر هذا الحقيقة أن الحركات الإصلاحية الإسلامية الحديثة لم تصلح شيء في المجتمع الإسلامي.. بل بالعكس افسد المجتمع الإسلامي، فمن أين أتى أقاسم أمين وغيره أليس من رحم هذه الحركة الإصلاحية الدينة الحديثة ومن هو شيخه أليس هو محمد عبده الذي تربى على يديه .. أليس قاسم أمين هو من دعى إلى رفع ستار الحياء والحشمة عن المرأة المسلمة تشبها بالمرأة الغربية عند اصدر كتابه بدعم مطلق من شيخه محمد عبده وهو حينها في مركز حساس كونه مفتي الديار المصرية ، كتابه بعنوان " تحرير المرأة " ويقصد تحرير المرأة من الإسلام ومن العوائد ومن الاعراف الدينية ..
4 - عدر غير مقبول شرعا ولا عقلا بحق من كان يحسب على أهل العلم والمعرفة.
من غير المقبول شرعاً ولا عقلاً ... اذا كان شخصا يريد أن يؤسس فرعاً تابعاً لمؤسسة أو لجمعية أو لمنظمة غير حكومية .. تنشط في مجال معين أن لا يكون على دراية تامة بنشاطها وسياستها وقوانينها وقواعدها وبنودها وشروطها وأهدافها ... والغابة في تأسيسها على المدى القريب و البعيد . لأنه من الغباء أن يقوم شخص يتبني توجه فكري وسياسي واجتماعي واقتصادي .. ويؤمن بأفكار وتوجهات وقوانين.. لجهة خارجية .. وأن يكون عضواً منها ومحسوب عليها مواققاً لسياستها ومؤيد لتوجهها العالمي... وكل هذه الشروط تفرض على كل شخص قبل أن يكون عضواً فيها ومنها .. بدون أن يكون هذا الشخص على علم بهذه الأمور .. والغير في الأمر إذا كان هذا الشخص يسعى لتولي مهمة الرئاسة في أحد فروعها .. فهذا فعل خارج عن دائرة الصواب والاصلاح إلى دائرة الضلال والجهل والخطأ .. فهذا ما قامه جمال الدين الافغاني عندما أسس فرع المنظمة الماسونية بمصر . أفلم يكون على دراية تامة بأنها منظمة تشكل خطراً كبيراً على الإسلام و المسلمين بسبب توجهها المعادي للإسلام .. وبأفكارها وسياستها المنحرة إلى الفساد في الأرض بكل أشكاله وأنواعه..!؟
فالحركة الماسونية ظهرت في القرن 17 بفرنسا كمنظمة عالمية غير حكومية ثم اصبحت معروفة في أوروبا بعد لعبها دورا سياسياً كبيراً وبارز في دفع الأحداث وتطويرها في القرن الثامن عشر كالثورة الفرنسية ، وكانت قد أصبحت معروفة في القرن التاسع عشر، وكل هذا يمكن أن تصل إليه إمكانيات جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده بحكم عيشهما في فرنسا ولندن وفرنسا هي المكان الذي ولدت فيه الماسونية وظهرت العالم من خلالها فهي مسقط رأسها .. وكل المعلومات عن الماسونية كانت سهلت لكل باحث الوصول إليها لأن الإعلام الغربي صار يتحدث عنها كمنظمة غير حكومية تطالب بابعاد الدين عن السياسة وعن الحياة المعيشية الانسان بصفة عامة وانتقال إلى زمن الحداثة وما بعد الحداثة.. .وبالتالي كان عليهما بحكم عيشهما في فرنسا مسط الماسونية أن يقفان موقف الحذر والعداء والابتعاد من هذه التنظيمات الماسونية العالمية الصهيونية التي تأسست على أفكار وأهداف وغايات فاسدة غير سليمة وغير مقبولة شرعاً ولا عقلاً بحيت أنها تنفي وتعادي وحدة الدين و الأديان السماوية.. وتسعى بكل الطرق للقضاء على وحدة الدين .. وكذلك من الناحية السياسية الدولية كانت تحاول لعب دوراً سياسياً في القرن التاسع عشر في التدخل لزرع الفتنة في إثارة المشاكل في وجه الخلافة العثمانية، من أجل تمزيقها وتشتيتها وزيادتها ضغفاً .
1 - ألم يكن يعلم: أن مؤسسها هم من اصول يهودية يكرهون الإسلام والمسلمين كرهاً شدياً كما قال الله ﴿ لتجدن أشد الناس عداوة للدين أمنوا اليهود والذين أشركوا ﴾
2- ألم يكن يعلم : أن شعارها عين واحدة وهي ترمز لعين المسيح الدجال ممسوخة العين ( الأعور ) ونحن نعلم من يكون المسيح الدجال الذي يرى فيه اليهود مخلصاً لهم من الإسلام ومن المسلمين ، ألم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم « يتبع الدجال سبعون ألفاً من يهود أصفهان عليهم الطيالسة » صحيح مسلم .
3 - ألم يكن يعلم : أن الماسونية تعادي الاسلام والقرآن محمد و رسول الله.. فكيف يدخل المسلم العاقل تحت لوائها إلا إذا كان مجنون أو جاهلا ً أو منافقاً يرجو لعة من لعة الدنيا من قبلها...!؟
5 - لا يحب الاستعانة بأهل الفساد على الإصلاح في أي حال من الأحوال.
إن من أكبر الأخطاء التي ارتكبها جمال الدين الافغاني هو استعانته بمنظمة العالمية الماسونية التي تعادي الاسلام معادة شديدة من اجل إصلاح الامة الإسلامية وهذه الاستعانة تخالف العقل والمنطق والشرع.
وكذلك أن محمد عبده تعاون مع الاحتلال الإنجليزي لمصر، وتمتل هذا التعاون في تقديمه عدة مذكرات إلى ' اللورد كرومر ” المنذوب السامي البريطاني ، من أجل تغيير الأوضاع: ومنها مذكرة في إصلاح التعليم.. كما تعاون معه في إنشاء معهد لقضاة الشرع في مصر وقد تمثل هذا التعاون في مدّ يده إلى " للورد كرومر"" المندوب السامي البريطاني في ذلك الحين، وقد تجسد التعاون بأن قدّم له عدّة مذكرات من أجل تغيير الأوضاع، ومنها مذكرة في إصلاح التعليم، كما تعاون معه في إنشاء معهد لقضاة الشرع في مصر ، وكان هدف كرومر من إنشاء هذا المعهد هو تزويد الطالب ببرامج ثقافية ذات طابع تحرري لا تحصر الطالب في الدراسات الدينية الخالصة. حيت كان هذف هذا المعهد تخربي وليس اصلاحي وهو ابعاد الطلبة عن الشرعة وادخالهم في التقافة الغربية التي تتبنا الاحكام الوضعية في جميع مجالات بل الاحكام الشرعية النقلية لأن انفتاح القضاء على الثقافة التحررية الغربية يغني تغير الاحكام الشرعية واستبدالها باحكام وضعية .. وقد تحقق هذا الهدف بعد حين من الزمن الذي كانت تسعى له الماسونية والحكومة البريطانية والحكومات العربية كلها لأن لأن الرورد كرومر كان ماسونيا ويدعم التوجه الماسوني.
ومن اكبر الأخطاء التي ارتكبها جمال الدين الافغاني ومحمد عبده أنهما استعنا بالمفسيدين في إصلاح شؤن الأمة العربية والإسلامية في عدة مجالات : السياسية والتعليم والقضاة و غير ذلك، وثمتل هذا التعاون في مد أيديهما للمندوب السامي البريطاني اللورد كرومر.. وهذا الأمر الذي اقدما عليه مخالف للأدلة النقلية الشرعية التي تؤكد أن الفساد والمفسدين لا يمكن أن يستعين بهم على الإصلاح في أي حال من الأحوال.. خصوصاً إذا كان الفساد معلوماً يعادي الاسلام وكل ما جاء به .. وقد صرح اللورد كرومر بهذا الأمر عندما اتهم الاسلام بأنه سبب قي تخلف المسلمين واستعباد المرأة.. واللورد كرومر يمثل جزء من الفساد الكبير التي تحمله الدولة الغربية الصليبية وتريد إلقاءه في داخل الشعوب العربية و الإسلامية ليحيا في مجتمعاتها باسم الإصلاح الذي هو الفساد المجتمعي بعينه .. فيحب تجنبه والابتعاد عنه ومحاربته بكل السبل المتاحة ... وليس بأن يضع أيدهما في يده كمن يشرب السم بيده وهو يعلم إن كان عاقلاً أو لا يعلم إن كان مجنون .. أما الجاهل فيعلم أن السم قاتل بالفطرة... في أي حالة يمكن أن يحسب عليهما جمال الدين الافغاني ومحمد عبده ...؟؟. فكل اصلاح مادي ومعنوي بني على قواعد مادية غربية وليس على قواعد الدين الاسلامي ولا على منهج الهدي النبوي و عمل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.. فهو اصلاح باطل وفاسد .. لأن الدين الاسلامي هو أساس كل اصلاح مادي ومعنوي.. وكل إصلاح مستورد من الغرب يعادي الدين هو فساد بعينه خصوصاً إذا كان يصرح اصحابه بأنهم يعادون الدين .. و الدين هو منطلق الاصلاح في جميع المجالات وإذا تعارض الإصلاح مع الدين ظاهراً أو بطناً أو كلاهما فإننا تؤخذ بما حاء في الدين ونترك ما سواه .
6 - معدن المصلح يظهر في قوله وفعله والعكس قال الله ﴿ وإذا قيل لهم لا تفسد في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾
فما انتجت لنا هذه الحركات الدينة الاصلاحية إلا نخبة من المثقفين تنكروا لدينهم عندما استولت عليهم الحضارة الغربية العارية ، كأنها امرأة جميلة ترقص شبه عارية .. فصلبت منهم العقول والدين عندما رأوها ترقص شبه عارية .. كأنهم وفد قوم عاد لما ذهبوا يستسقون لقومهم المطر ألهتهم المؤنسات المغنيات الراقصات عن قصدهم الذي من أجله شدوا الرحال ، وكذا رجال الحركة الإصلاحية الدينية أساتذة وتلامذتهم .. نسوا الهذف والغاية من تأسيس الحركة الإصلاحية الدينة الحديثة في مطلع القرن في القرن 19 وبداية القرن 20 ، الهدف والغاية هي انتصار للدين الإسلامي والقضاء على جور الحكام وعلى الجهل والتخلف والفقر وتوحيد صفوف المسلمين ومحاربة الغرب فكريا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا.. تحت لواء الدين الموحد بدون تقليد ولا تشبيه لكل ما هو خارج عن دائرة الحياء في الحضارة الغربية وكل ما يتصادم مع الدين .. لكن عندما دخل الأساتذة جمال الدين الافغاني ومحمد عبده وتلامذتهم قاسم أمين وطه حسين... وغيرهم إلى مستنقع الحاضرة الغربية بما فيها .. وذلك بمخالططهم المجتمعات الغربية والعيش معهم بضع سنين .. تنكروا لمبادئهم وغيروا مفاهيم وأرائهم .. ومنهم من أسس محفل العار والخز وهو جمال الدين الافغاني الذي اسس في مصر « المحفل الماسوني الفرنساوي الشرقي » وليس له عدر لأنه محسوب على أهل العلم والمعرفة والفكر .. وليس رجل عادي يلتمس له عدر .. فعيشه في المجتمع الغربي غير فكره .. بينما كان يقيم في لندن وفرنسا أما محمد عبده فكان هو كذلك فقد عاش في الغرب.. وكان موالي للرد كرمر كما انه فسر بعض ايات القرآن حسب ما يتوفق مع العلم المادي الغربي ، أما تلامذتهم مثل قاسم أمين، فقد غير تفسيره بعض الآيات حسب ما يرى هو وطالب بتحرير المرأة وبرفع الحجاب عن المرأة والوصية عنها وغير ذلك... وهذا يعتبر فساداً في الأرض وليس اصلاحاً .
وفي الختام أقول :
فهل حققت هذه الحركات الإصلاحية شيء للأمة العربية والإسلامية في زمن قادتها أو بعد مرور 100 عام مقارنة بالحركات الإصلاحية التي عاشتها أوروبا ..؟ مع الاخذ بالاعتبار أن الحركات الاصلاحية في أروبا كانت تتبنا النهج العلماني .. أما الحركة الإصلاحية الإسلامية الحديثة لم تتبنا منهج الإسلام للعمل به كونها حركة إسلامية كما قال الله تعالى ﴿ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ﴾ وإنما استعانت بأهل الكفر والفساد في محاولة لإصلاح شأن الأمة وهذا الأمر الذي أقدمت عليه لا يستقيم شرعاً ولا عقلاً .. لهذا لم تفلح في مسارها الإصلاحي لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد .. وبقي اصلاحها مجرد قول بلا نتيجة في الواقع. والحقيقة أن جمال الدين الافغاني و محمد عبده لم يحقق شيء .. من الإصلاح بالمفهوم الحقيقي للإصلاح في الأمة العربية والإسلامية لا أقصد نشر بضع كتب وتأسيس بعض الجمعيات.. ولكن اقصد على مستوى نظام الحكم والعدل والمساواة وعدم احتكار سلطة أو تواليت حكام جهلاء على الدول العربية والإسلامية بدأ من رئيس الدولة وانتهاء بأعوانه من الوزراء ومثلهم في المراكز التنفذية .. لأنهم كانوا يرون أن الحاكم يجب أن يكون فقها وعلماء لأنهما يعينانه على الحكم بالعدل ... وغير ذلك ، لكن الحقيقة أنهما ساهما في صنع عصابة من المثقفين موالية للغرب .. الذين ساهموا في تخريب مجتمعاتهم العربية والإسلامية بما كانوا يكتبون وينشرون يدعون إليه و يصرحون به ويطالبون به .. وحال الأمة العربية والإسلامية اليوم في هذا الزمان زمن الانهيار والسقوط وضعف والعجز .. الذي لم يشهده التاريخ من قبل ، ولعلى ما تشهده غزة من إبادة جماعية بمختلف الطرق من القتل والتجويع والحصار أكبر مأساة في تاريخ الامة العربية والإسلامية.
وقد تأسف الغزالي أن مجهود الأفغاني لم يحقق ما طلبه، وقال " لقد ترك دوياً واسعاً ولم يصنع شيئاً طائلا "
اقول أنها لم تحقق أي شيء للامة العربية والإسلامية ودليل بعد مرور 100 عام لازلت الدول العربية تعاني من التخلف والجهل في مختلف المجالات المعيشة والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .. بل أنها ازدادات تفرقا وضعفا عما كانت عليه من قبل حتى صارت كالمريض الذي طال مرضه فصار لا يستطيع ولا يقدر على نش الذباب عن نفسه بيده .. فهل هناك حال اسوء من هذا الحال الذي وصلت إليه الامة العربية والإسلامية في هذا الزمان .. اخوانهم المسلمين في غزة يموتون بالرصاص أمام أعينهم ويا ليته كان الرصاص وحده بل يموتون جوعاً وعطشناً ومخزن إخوانهم المسلمين تفيض بمختلف أنواع الطعام .. لم يمدوهم بالسلاح ليدافع عن أنفسهم .. ومن مد مجاهداً بالسلاح فكأنما جاهد في سبيل الله ، والغرب وأمريكا يمدون إخوانهم في الدين بمختلف أنواع السلاح والطعام والشراب والأموال ... ، ببنما المسلمين يحرمون إخوانهم المسلمين الطعام والشراب.. ويرونهم يمتون أمام أعينهم جوعاً وعطشاً .. والنبي صلى الله عليه وسلم قال « والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن » قيل من يرسول الله قال « من بات شبعان وجاره جيعان » فما بال الدول العربية والإسلامية بشعب غزة كله جيعان وعطشان . فالإصلاح يحتاج أولاً إلى اصلاح النفس بالإيمان والتقوى لأنهما سبيل كل تغيير إلى الأفضل والأحسن ، قال الله تعالى ﴿ لا يغير الله ما بقوم حتى يغير ما بأنفسم ﴾ ثم تأتي في الدرجة الثانية القدرة و الاستطاعة والعلم وإذا لم تتوفر هذه الأمور وساد الجهل فلا اصلاح يرجى ، وإنما يبقى الاصلاح مجرد خطب و شعارات وحبر على ورق .
بقلم : الشاعر والكاتب والناقد والباحث أحمد أحبيز