علمـــــــني الظـــــل
. /////////////////////
(1)
لاشك اننا نعرف الظل،فالشمس ان اشرقت بنورها اللطيف كبرت من حجم الاشياء فنرى ظل الاشياء على الارض اكبر من حجمها الطبيعي ثم لايزال ذلك الظل يتناقص شيئا فشيئا حتي يختفي او يكاد عند الزوال يقابل ذلك زيادة في توهج الشمس وحرارتها.
ما الذي يريد ان يقوله الظل لنا؟
كأن الظل يريد ان ينبه الانسان الى حقيقة هامة وهي انه عند مجيئه الى الدنيا يكون خلقا عظيما وعزيزا على الله للغاية التي خلق من اجلها ثم يبدأ عمره بالتناقص مع كل يوم يزيد فيه وبقدر انحرافه عن الغاية يكون مقدار تقزمه وانحطاط غايته.
انها الزيادة المتناقصة، زيادة في الحجم والقوة يقابلها نقصان في العمر ونقصان او زيادة بميزان الله سبحانه.
القرشي/مختار عباس
اليمن
علمـــــــني الظـــــل
. ////////////////////
(2)
وكما ان الظل اثر من اثار الانسان التي يشترك فيها مع غيره من الموجودات يصنعه النور كبيرا في بداياته( الم تر الى ربك كيف مد الظل) ثم يضمحل ولكن شيئا فشيئا (ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا)ولذا فالظل يلخص بصدق حالة الانسان في هذه الحياة.
في نظام تكوين الظل هذا معنىً جميل من معاني عظمة الله وخُلُق لا يدركه الكثير من الناس وهذا المعنى بأختصار يقول إن اعطيت فكن كريما وان اخذت فليكن اخذك لينا يسيرا.
القرشي/مختار عباس
اليمن
علمـــــــني الظـــــل
. /////////////////////
(3)
الكل يدرك ان الظل يسير بجانبنا ولايفارقنا مادام هناك نور ويشتد وضوحا كلما اشتد سطوع النور ولكننا ربما لاندرك ان هذا الارتباط يقول انه بقدر المؤثرات الخارجية تتضح معالمنا وتكون اكثر وضوحا لغيرنا.
نكون عظماء بقدر ماتبدوا المؤثرات امامنا ضعيفة ونضعف بقدر استسلامنا لهذه المؤثرات ولليأس.
القرشي/مختار عباس
اليمن
علمـــــــني الظـــــل
. /////////////////////
(4)
عندما تبدأ الشمس رحلة مابعد الزوال يتغير نظام تكوين الظل فيبدأ صغيرا ثم يكبر شيئاً فشيئا متناسبا في كبره مع شدة اضاءة الشمس وحرارتها بعكس رحلة ماقبل الزوال،
هذه الصورة توضح بشكل رائع رحلة الانسان من بدايتها حين كان ضعيف الفعل بينما ظل أثر مجيئه عند اهله ومحبيه ولدى مجتمعه الذي ينتظر عطاءه عظيما، ثم يبدأ هذا الاثر والظل يتناقص عند من حوله في فترة الاستهلاك التي يأخذ فيها اكثر مما يعطي حتى وصل اخيرا الى مرحلة العطاء والتي يمكن ان نشبهها بمرحلة ما بعد الزوال المتميزة بصغر الظل والاثر( اي العمل والانتاج) ثم يزداد هذا الظل والاثر كبرا في نفس اللحظة التي يبدأ فيها ضعفه نتيجة للجهد الذي يبذله وهو يحاول ان يزيد من اشعاعه وتأثيره وانجازه وكأن دالة الزيادة في الظل والاثر جاءت نتيجة لضعف دالة القوة في الجسم والمستنفذة في الابداع.
في هذا الامر رسالة واضحة لنا تقول كما ان النور يصنع لك اثر في الارض يتغير ويتبدل تبعا لتموضع مصدره وقوته وتبعا لموقعك وحجمك فإن لك ظل اخر لا يحويه مكان وليس له هيولي ولاتصنعه الشمس ذلك هو الظل الذي يرسمه نورك ويحدد ابعاده اثرك واخلاقك وابداعك.
هذا الظل يتوضح بقدر تأثيرك في اذهان الناس وقناعاتهم وبقدر ما تشع يكون ظهوره.
هذا الظل والاثر يتغير شكله بحسب قبولك عند الاخرين فيتموج ويتكسر عند البعض ويمتد طويلا
ضخما مستقيما عند البعض الآخر، يكون اشد جلاءً عندما تكون منهكا من انجازك وسيعك وانت تصنع تغييرا ايجابيا في حياتك وبمن حولك وفي اقصى حالات اجتهادك الخُلُقي وانقى معاملاتك،
هذا الاثر والظل لاعلاقة له بالنور فيكبر حيث تكبر ويصغر حيث تصغر.
هذا الظل والاثر تختلف زاوية رؤيته عند مشاهديه بحسب الانجاز والاثر الذي نتركه والتغير الذي نحدثه ثم بقدر انصاف الناس ومع ذلك كله يظل وجوده امرا واقعا.
القرشي/مختار عباس
اليمن
علمـــــــني الظـــــل
. /////////////////////
(5)
من المشاهد ان ظل الشمس يتأثر بالغيوم والغبار وحالة الجو العامة سلبا وايجابا كذلك الظل الذي نصنعه لانفسنا تقف امامه معوقات تؤثر فيه حتى اذا مات الواحد منا اختفى ظله الذي تصنعه الشمس وبقي ظله الذي صنعه بأبداعه واخلاقه شاخصا يؤثر في الوجود.
لوقدر لانسان انلا يكون له ظل يعيش في دائرة مغلقة بينه وبين نفسه لايؤثر ولا يتأثر فلاشك ان حياته ستكون اشبه بالسراب، عدمية او دافعة لاعدام الذات وهذه الحالة يمكن تسميتها (الاعدام بإعدام الظل).
القرشي/مختار عباس
اليمن
25/6/2022