خَطِيئّةٌ مُتجَذِّرة بِخَاصِرتنا،
كُلَّما حَاولْنا نَزعهَا،
نَزَفنَا مِنْ جُرحِ التَّاريخ أَكْثر.
عقُودَاً ونَحن نُسْكِتُ الألَم بالأَمَل،
ونربِتُ عَلى كَتِفِ الخُذلانِ بِقصيدةٍ مَيِّتَة.
لِمَاذا لا نُجَهِّز الآن حَقائبَ الزَّمن،
نَعُود – لا حُلمَاً بَلْ واقِعَاً – إلى مَا قَبل ثَمانِين عَاما،
حِين كانَ الرَّمل يَحفَظ أسمَاءَنا قَبْل أنْ يُحفَرَ بِأظلافِ الأسَاطِيل،
حِين كَانَ الظِّل يَنْبِض بِذَاكرةِ الأفقِ المُعَانِق لِهَامِنَا،
مُرَاقِبَاً بِجنَاحِهِ الخَفّاق سَنَابِك الغُرَبَاء.
نَعقِدُ مُؤتَمراً طَارِئاً مِنْ صَمِيمِ ذَوَاتِنا،
نَذُود – بزندٍ شَدِيد – عَنْ سُحنَةِ الأرضِ
التي كانتْ تُشْبِهنَا قبْل أنْ تُزَوّرُ مَلامحَنَا الخَرَائِط،
نَقُول – بِلسانٍ واحد – لِمَنْ اِنْتَدب التُّرَاب:
لَمْلِمْ تراتيلَ الكِفَاح لأَخْذِ ثَأرَك مِنْ كِتَاب "كِفَاحِي"،
فَهُو الذي صَاغَ الحَرَائِق دُفعَةً في جُلِّ أسْفَارِ الشَّتَاتْ.
عُدْ مِنْ حَيْث جِئْتَ؛ مُكَفِّرَاً عَن ذَنبِ قَاتِلكَ الكَبير بِأرضِكَ "المِيعَاد"،
لا أرض مِيعَادٍ لَكُم عِنْدي ولا حلماً تُغَازِلَهُ الهِبَاتْ
عُدْ... وارْسُو بسَفْنِكَ في مَرَافِئكَ الأُلَى،
وابْنِ لهمْ بِجمَاجِم الهولوكوست
قَبْواً في دهَالِيزِ المَمَاتْ.
حِينهَا سَنَعُود إلَى حَاضِرٍ
تاريخ مَاضِيهِ أبْيضُ الوَجْه،
ناصعُ المُروُءة...
لَمْ تخُطَّهُ أنَامِل المُكَفِّرِين عَنِ السّيئات
بمَحابرِ السَّرابِ المتراقصِ عَلى صَفْحَةِ التّرسِيم.
مصطفى الصميدي