من أعماق الصمت الأزلي
يتفجر صدى الكلمات
يحمل الآهات خلسة ً
كأن َّ الهموم َ تحلّق ُ في زنزانة السجن ،
تحلّق الروح َ ليبق َ الجسد ُ مجردًا
لا قيمة يشعر بها ،
كما لو أنّه شمعة بدون نار ٍ
تحرقها تنير وحشة الظلام ،
شيئًا فشيئًا تذوب الأماني
وتفقد ُ الأزمنة الخيال
وحدها الأطلال تبكي
كعيون ٍ يعود بها وهمًا ذاك السَّراب،
"قفا نبك ِ" لم يعد لها صدى
فالمحال أضحى حتى في الكلام ،
لم يعد لنا رفيقًا لم تعد لنا ذكريات!
كُلُّ شيء ٍ بات رهين َ حبس ٍ أبدي،
كقارب ٍ في أقصى المنافي يأن وحدته
ترافقه الغربان إلى حيث لا يدري،
وحده صوت الجبال يصل إلى حيث يريد،
تنفلق من عمقه بذرة تكسر جبروته
تقف شامخة بوجه اليباب
هي تلك الروح حين تنبعث ُ
يصرخ الجسد ُ وَيذهب الغرور
إلى زوال ،
يخترق أحيانًا النوافذ َ المنسية َ
صوت ٌ يحمل ُ عهودًا عتيقة ً
يدخل ُ يتفحص الزوايا
ينظر ُ فجيعة ً فاللوحات ُ محتلة ٌ
وَأقيمت عليها مملكة العناكب
شوهت ملامحها وَأخفت ألوانها
وصادرت ضحكات ٍ كانت تُسمع ُ ،
يعود خائبًا دون جدوى
كما فارس محارب يقع في خيبة
فيموت قهرًا ،
لا النوافذ ُ كما هي
ولا المكان كما هو
ولا صوت الفجر كما كان ينبعث ُ
ولا حتى المساءات كما كانت
بنا تتسع ُ،
ما عادت النوارس ُ ترافق ُ الأمواج
فالجسور ُ خالية ً من المارة ِ
وفوهة القناص ُ حاضرة ٌ
لقتل ِ كُلَّ حلم ٍ يراد له ُ الولادة ،
حتى السنابل ُ تكسّرت ْ
وَلم تعد حباتها تعانق الشمس
اليباب ُ أخفى بريقها
والعجاف ُ يشعر بلذة الانتصار
وتحالفت معهما كُلُّ المحاولات ِ
المؤدية إلى المجهول ،
تختفي الكلمات ليختف ِ صداها
وتمحى الأماني لتعود َ الدموع ُ
فهي وحدها المتجددة ُ!
محمد العبودي ،،