samedi 9 août 2025

«حين تعـلو التفـاهـة المـنبر، وتصفـق الشهـادات للعـري»
✍🏻 فاطمة لغباري
ضمـن سلسلـة : تـأمـلات من دفـتر الحيـاة

في زمـن تتسـابق فـيه الصـور على جـذب الأنظـار، تُغـتـال الكلمـة بسهـم الاعجـاب، وتُـزاح الثقـافة عن عـرشهـا لصـالح مشـاهـد ركـيكة تفـيض بالسطحـية.

لم يعـد الأمـر مستغـربـا أن تُعلَّـق أوسمـة الاعجـاب على أجسـاد عـاريـة، بينمـا تقـصى العقـول النيّـرة من الواجهـة. 
لكن اللافـت في هـذا الواقـع، لم يعـد صعـود التفـاهـة إلى المنصـة هو الصدمـة، بل في التصفـيق لهـا من أصحـاب الشهـادات العـليـا، الذيـن يُفـترض بـهم أن يكونوا طلائـع التنـوير.

صـور مبتـذلـة، عـري معلـن، محـتوى سطحـي، استعـراضات جسـدية مغمـوسـة بمسـاحـيق الاغـواء ...  
لكنهـا تمـلأ الفضـاء وتحـتل الطليعـة في "الترنـد" وتخـطف الأنظـار وتحصـد الاهتمـام، فيمـا تقــمع المحـاولات الجـادة، وتصنّـف الأصوات العـاقلـة في خـانـة المـلل.

أيُعقـل أن من تشبّـع بالفلسفـة وتوغّـل في عـوالم المنطـق والتـاريخ والعلـوم، يهـب إعجـابـه بسخـاء لمـن تبيـع أوهـامـا جسـدية على المنصـات؟!

أيعقـل أن من تربّـى على سقـراط وابن رشـد أن ينحـني اليـوم أمـام صـورة تُسـوّق فـنّـا، فيمـا لا تعـدو كونهـا عـرضـا رخيصـا للفـرجـة؟

أليس من المثـير للسخـرية أن بعض المتعلمـين أصبحـوا نسخـا مصغّـرة من مجتمـع يلهـث خلـف البريـق الزائـف؟
يمـرون على منشورات تزخـر بالمعـرفة والحكمـة مـرور الكـرام، ويطيلون النظـر في صـور لا تُغـني عقــلا ولا تُثمـر وعـيـا، وكأن الفكـر أضحـى حمـولة زائـدة في زمـن يُحـتفى فـيه بالسطحـية؟

ليست المشكلة في أن تكتب المـرأة عن الحـب، أو أن تجسّـد أنوثتهـا في حـرف شعـري ...
فثمـة جسـد يُكـتب ببلاغـة، وثمـة فـتنـة تنبـض بالشعـر، لا بالصـورة. 
لكن حين يتحـول الجسـد إلى سلعـة، والتفـاهـة إلى سلّـم للمجـد، والعـري إلى خطـاب يُسـوَّق بـاسـم الحـرية ... فاعلـم أننـا بلـغـنـا حضيضـا فكـريـا مخـيفـا.

مـا يثـير الأسـى حقــا أن بعض من يُفـترض فيهم التنـوير، هم أول من يرفـع الرداءة إلى مصـافّ النجـوم، فنخسـر بذلك خـطوة نحـو الوعـي.

لسنـا بحـاجة إلى مزيـد من الشهـادات، بل إلى ضمـير يُحـرج الجهـل، إلى مـرآة نـرى فيهـا أنفـسنـا بوضـوح، ونطـرح السـؤال :

متى أصبحت بـائعـة الوهـم رمـزا يُحـتفى بـه؟ 
ومتى اعتلـت التفـاهـة صهـوة المنـابـر؟

المشكـلة لا تكمن في المـرأة التي تُعـرض نفـسهـا،
بل في المجتمـع الـذي يطبـع مع هـذا العـرض، ويمنحـه الشرعـية من خـلال إعجـاب لا واع، واستهـلاك غـير نقـدي. 

أمـام هـذا المشهـد، نـدرك أن الشهـادة لم تعـد برهـانـا على الوعـي، بل ربمـا صـارت أداة تجمـيل تُخـفي هشـاشـة فكـرية. 

                 ويبقـى السـؤال الجـوهـري :
            — هل نحـن بصـدد انهـيـار ثقـافي صـامت تقـوده النخـب من داخـلهـا، بوعـي زائـف وصمـت
مطبـق؟

الشاعر خالد جواد السراجي

احلام الحب في الحب هناك احلام                 و هناك جمل من الهام و بستان الهوى يطرب                و تغاريد الطيور اوهام ليالي الانس نفذت  ...