lundi 18 août 2025

أ. حميد النكادي

خاطرة

يا حزنا
  سكن ضلوعي
متى تندثر 
تندمل جروحي
َأم أقسمت 
أن لا تفارقني 
حتى تشهد اطلالي؟

حميد النكادي

تعبيرًا عن مشاعر الألم والحزن، تُعدّ هذه الخاطرة قطعة أدبية عميقة ومؤثرة. يمكن تحليلها على عدة مستويات:
​المستوى النفسي
​تُظهر الخاطرة حالة نفسية من اليأس والشعور بالاستسلام للحزن. الشاعر لا يتساءل عن سبب الحزن، بل عن مدة بقائه. هذا التحول من "لماذا" إلى "متى" يدل على أن الحزن أصبح حقيقة راسخة في حياته، لا يمكنه إنكارها، بل يسعى فقط لمعرفة متى ستنتهي.
​"سكن ضلوعي": هذا التعبير يجسّد الحزن ككيان مادي يسكن جسد الشاعر، لا كشعور عابر. هو جزء من تكوينه، وليس مجرد ضيف ثقيل.
​"تندمل جروحي": يشير هذا إلى وجود جروح نفسية عميقة سببها هذا الحزن. إنها ليست مجرد مشاعر سلبية، بل آثار حقيقية ومؤلمة.
​المستوى الفني والجمالي
​استخدم الشاعر أسلوبًا فنيًا بسيطًا ومباشرًا، ولكنه شديد التأثير، معتمدًا على:
​التشخيص (Personification): حيث يُخاطب الحزن كأنه شخص يتحدث إليه، يسأله، ويستفهمه. هذا يجعل الخاطرة أكثر درامية وإنسانية.
​المفارقة المأساوية: تتجلى في السؤال الأخير: "أم أقسمت أن لا تفارقني حتى تشهد اطلالي؟". هذه النهاية تكسر أي أمل في الشفاء، وتؤكد على عمق الألم. الحزن ليس مجرد شعور، بل هو شريك في رحلة الحياة، ورفيق لا يغادر حتى النهاية، حتى يصبح الشاعر مجرد "أطلال".
​المستوى اللغوي
​لغة مكثفة ومعبرة: رغم قصر الخاطرة، فإن كل كلمة فيها تحمل ثقلًا عاطفيًا.
​"يا حزناً": نداء استغاثة واستعطاف.
​"تندثر" و "تندمل": كلمتان قويتان، الأولى تعني الزوال التام، والثانية تعني الشفاء. الجمع بينهما يؤكد على رغبة الشاعر في زوال الحزن وشفاء آثاره.
​"أطلالي": تعبير مجازي عن النهاية والدمار. قد يعني الموت الجسدي أو حتى الانهيار النفسي التام.
​في الختام، هذه الخاطرة ليست مجرد شكوى من الحزن، بل هي صورة أدبية عميقة تعكس صراع الإنسان مع أعمق مشاعره، وشعوره بالعجز أمام ألم قد يبدو أنه لا نهاية له.