حتى الأقلام أصبحت خائنة، أهكذا أنت يا قلمي، كلما هربت من الدمار، وجئتك سائلا عن الراحة والطمأنينة، كنت مطيعا وطاوعتني، غير أن كلينا كان غبيا، لم نحسب حسابا للمداد الخائن.. كان عنصرا أنانيا.. لقد خذلنا فعلا!؛؛ حيث ضاع في متاهة القلق ..متاهة الهموم والصعوبات.. متاهة الضغوط والمعضلات.. كان مدادك رمزا للخذلان !؛؛ لو تقبلت نصيحة الإخلاص فيما مضى لما حصل ما حصل.
أتذكر يوما بادرك الإخلاص بنصيحة؟.. لازلت أذكرها ليومنا هذا!!.. وهو يقول بصدق، عزيزي القلم حذاري أن تثق بجسم غريب يتظاهر بالتجانس معك، والاندماج مع أفكارك،، هذا لن يجدي نفعا، اجتهد.. استخرج كل ما تحتاج إليه من جسمك الصلب، للأسف الشديد قلمي، لقد طغى عليك الكسل، واستمريت في الاعتماد على المداد، إلى أن جعلته واثقا من نفسه.. يتصرف على هواه.. وضعته في مكان غير مكانه المناسب، ها قد أصبحت اليوم بحاجة إلى نص يروح عن نفسك وذاتك نص يرويك هدوء وسكينة.. ينسيك كل الهموم والمآسي، ولكن ماذا حصل؟! أنت تكتب ما تراه مريحا لك، لكن المداد يغير مساره بطريقته الذكية، ليرضي رغباته الخاصة، فتتحول ورقتك البيضاء النظيفة إلى لوحة من الظلم والكراهية.
تختار يا قلمي ألوانك الزاهية من ذوقك الرفيع الذي تعودت على مشاركته مع أحبائك لكن المداد يلونها حسب أهوائه ورغباته، فتفقد الألوان رونقها وجمالها، وتتحمل ورقتك الناصعة لخبطة وبهرجة من النوع الفادح.
لو اعتمد كل قلم على نفسه، ومن اجتهاده اكتشف طريقة للكتابة بنفسه .. من تلقاء نفسه دون الاحتياج إلى المداد أو الحبر، لما وصل الورق الناصع البياض، إلى هذا الحد من التشوهات واللخبطة التي يملؤها الحقد والظلم والإبادة.
حتى الأوراق باتت تشكو من قهرها، من لباس حلة غير حلتها، كيف يضيع هذا البياض الناصع بين سطور كتبت فوقها ظلما وعدوانا.
لم تناسبها شكلا ولا مضمونا!!؟؟.
كما ترى قلمي: وسخ غير معتاد على الجزء الأكبر من الورق، وهذا يرجع إلى الثقة العمياء التي وضعتها الأقلام في الحبر والمداد، ثقة أدت إلى ضياع هويتها.. وتلوث روحها الطاهرة.
فتحية المسعودي
المغرب