بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
في البداية يظل الشعر ديوان العرب الخالد ، يحكي و يروي لنا مدى عمق فلسفة الشاعر في الحياة بنظرة جمالية تشرق من أعماق النفس ، و أجمل ما في الشعر ( الحكمة ) التي توشح الكلام كمنهج ينطلق منه مع شتى أغراض و فنون الشعر مع الحياة ٠٠
و من ثم نراه يطرزها لنا و يختصرها في معادلة ، فالشاعر نلاحظه في قول مأثور ينقل تجاربه ، و من ثم نستخدمها في حياتنا اليومية و نستشهد بها في المواقف من خلال تجارب الحياة هكذا ٠
يقول الشاعر الجاهلي الشاب القتيل ابن العشرين طرفة بن العبد صاحب المعلقة الشعرية الرائعة :
وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةًعَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ
و يقول الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجه عن منظومة الأخلاق في حياتنا :
إِنَّ المَكارِمَ أَخلاقٌ مُطَهَرةٌ
فَالدّينُ أَوَلُّها وَالعَقلُ ثانيها
وَالعِلمُ ثالِثُها وَالحِلمُ رابِعَها
وَالجودُ خامِسُها وَالفَصلُ ساديها
وَالبِرُّ سابِعُها وَالصَبرُ ثامِنُها
وَالشُكرُ تاسِعُها وَاللَينُ باقيها ٠
يقول أبو الأسود الدؤلي واضع علم المحو الجميل حكمة بليغة تضبط لنا إيقاع المسار :
لاتنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
يقول بشار بن برد :
إذا كنتَ في كُلِّ الأمور معاتبًا..
صديقَكَ؛ لم تَلْقَ الَّذي لا تُعاتِبُهْ!
فعِش واحدًا، أو صِلْ أخاك فإنَّهُ..
مقارفُ ذَنْبٍ مَرَّةً ومُجانِبُهْ
إذا أنتَ لم تشربْ مرارًا علىٰ القذىٰ؛
ظمِئتَ، وأيُّ الناسِ تصفو مشارِبُهْ"؟!
و يقول الشاعر العباسي علي بن الجهم كفى أن نعدد معايب المرء فسجايا الخير عنده كثيرة :
وَمَن ذا الَّذي تُرضى سَجاياهُ كُلُّها
كَفى المَرءَ نُبلاً أَن تُعَدَّ مَعايِبُهْ.
و ها هو أبو الطيب المتنبي الذي يترجم لنا بواعثه النفسية و التي يعتز بها :
أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ
وَما الدَهرُ إِلّا مِن رُواةِ قَلائِدي إِذا قُلتُ شِعراً أَصبَحَ الدَهرُ مُنشدا ً
وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ · فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
و يقول الشاعر ابن العطار الاشبيلي :
كَتَمتُ الهَوى صَبراً وَلَم أَرضَ بِالعُذرِ
وَأَسكَنتُه بَين الجَوانِحِ وَالصدرِ
فَزادَ اِشتِياقي وَاستَهَلّت مَدامِعٌ
وَباحَت خَفِيّاتُ الفُؤادِ وَلَم أَدرِ
فَواللَهِ أُخفي الحُبَّ بَعدَ اِفتِضاحِهِ
وَلَو حُطَّ عِندَ الكاتِمينَ لَهُ قَدرِي
فَيَومي إِذا ما بُحتُ عِيدٌ وَلَيلَتي
بِذِكراي مَن أَحبَبتُه لَيلَةُ القدر ٠
و نختم بقول أمير الشعراء أحمد شوقي :
ولا ينبيك عن خلق الليالى .. كمن فقد الأحبة والصحابا
فمن يغتر بالدنيا فإني .. لبست بها فأبليت الثيابا
جَنَيتُ بِرَوضِها وَرداً وَشَوكاً. وَذُقتُ بِكَأسِها شُهداً وَصابا ٠
و بعد هذه الإطلالة مع الشعر و الشعراء و الوقوف مع الحكمة التي يدور حولها الشعراء حيث تترجم لنا الحالة النفسية من خلال ( الأنا ) التي تجسد مدى صدق الانفعال نحو القيم و الرؤى دائما ٠