البحر الوافر
أَتَدري كَمْ أُعاتبُ فيكَ ظَنّي
أُحبُّكَ و الأَماني لم تَخُنّي
و أَحبسُ في الضُّلوعِ لهيبَ وَجدٍ
وأَكتمُ في الجَوى آهاتِ أَنّي
و وَهمٌ قد يُذيبُ القَلبَ شَوقاً
على وَتَرِ اليَقينِ هُنا نُغَنّي
تبوحُ العَينُ والأَحداقُ سِرّاً
و سَمعُكَ ذاقَ مِنْ هَمسي و فَنّي
وتَعلمُ أَنَّ ما فينا غَرامٌ
وعَينُكِ داعَبتْ قَلبي و عَيني
و لَنْ يَجني الوشاةُ هُنا نَعيماً
و أَنتَ رُبا النَّعيمِ وحسنُ ظَنّي
وتعلمُ يا أَنيسَ الرّوحِ سُؤْلي
فَإنْ أَمعَنتَ في هَجري فَثَنِّ
فَإِمّا الشَّوقُ يَطويكُمْ إِلينا
و إِمّا الهَجرُ يَطوي السُّهدَ عَنّي
هَجيرُ البُعدِ أَلهَبَ مُقلَتَينا
و مَلَّ القَلبُ مِنْ طَبعِ التَّمَنّي
أُجيلُ على مَناهِلِها عُيوني
و غَيرُكَ في المَناهِلِ ما رَوَنّي
تَمامُ الحُبِّ مَحبوبٌ تَأَنّى
وموتُ الحُبِّ في سِفرِ التَّأَنّي
ولا يُجنى الوِدادُ بِغَيرِ صِدقٍ
و كَمْ هَلَكَ الوِدادُ على التَّجَنّي
كَما تَشقى الأُمومَةُ في بَنيها
أُحِبُّكَ لا كإِبنٍ في التَّبَنّي
أُمَنّي النَّفسَ باللُّقيا وإِنّي
أُذيبُ الرّوحَ باللُّقيا أُمَنّي
عَصَيتَ العاذِلينَ و جِئتَ حُبّاً
خَذَلتَ الواشياتِ وقد وَشَنّي
نَعيمُ الوَصلِ قد جَرَّبتُ دَهراً
عُيونُ الهجرِ بَعدَكَ قد بَكَنّي
على ذِكرى حَبيبٍ نَاحَ قَلبي
عُيوني باكياتٌ لا تَسَلني
و أَبكي ضاحِكاً مِنْ فَيضِ وَجدي
فَهَل يُجدي التَّصَبُّرِ والتَّثَنّي ؟