غزةُ تموت…
لكنّ صوتها لا ينطفئ،
ولا تُطفئُهُ القنابلُ ولا دخانُ الليل.
لا تطلبُ قصوراً من زجاجٍ يلمع،
ولا عرباتٍ فاخرةً تُزفُّ في الشوارع.
لا تسألُ عن ترفٍ ولا عن بذخ،
إنما تنشدُ خبزاً بسيطاً،
وشربةَ ماءٍ لا تختلطُ بالدم،
وسترةَ طفلٍ يحتمي من برد الخراب.
غزةُ تموت…
الأرضُ تصرخُ تحت أقدامها،
والبيوتُ تنهارُ كأنها أوراقُ خريفٍ متعب،
الأطفالُ يسألون:
"أينَ الشمسُ لتدفئَنا؟
أينَ البحرُ ليُهدينا قليلاً من ملحِ الحياة؟"
غزةُ تموت…
لكنها تحيا في وجدان كل حر،
تصيرُ أيقونةَ صمودٍ،
تكتبُ بدمعِ الأمهاتِ مراثي البطولة،
وتزرعُ في القلوبِ يقيناً
بأن الأرضَ لا تُعطى هبةً،
بل تُنتزعُ بالدمِ والإرادة.
غزةُ تموت…
فيا شعوبَ الأرض،
هل تسمعون أنينَ الجياع؟
هل ترونَ وجوهاً غطّاها الرماد؟
إنهم لا يريدونَ رفاهيةً زائلة،
لا يسألون عن مجدٍ مصطنع،
إنهم فقط يطلبون الحياة…
قطعةَ خبزٍ،
جرعةَ ماء،
ووطناً لا يُذبحُ على مرأى العالم.
غزةُ تموت…
لكنها، كلّما أطفؤوا شمعة،
أوقدتْ ألفَ لهب،
وكلّما حاولوا خنقها،
تسللتْ من تحت الركام،
تصرخُ:
"هنا نكون،
هنا نحيا،
هنا نكتبُ التاريخَ بالدم،
ولا نغيب."