رحلتي لم تبدأ بعد
.............
قال لي أبي يوما ....
سأترك لك الباب مفتوحًا
حتى تأتي من بعدي
لكنهم أغلقوا الباب جيدا ً
ما يفصلني عنه
سوى الباب الصدىء
وجدار قديم من الطوب اللبن
كنت طفلا ً...
ومازلت طفلاً مشاغبا ً
وكان أبي رجل طيب
من المؤكد أنني كنت أزعجه كثيرا ً
أتذكر ذلك ..
كانت حياتي تبدأ
وحياته أوشكت على الأفول
لم أكن أدرك ذلك حينها
يبدو أنني سببت له آلاما كثيرة
دون قصد.
أعتذر إليك كثيرا ً يا أبي
كلما أتذكر ذلك القبر الذي تم هدمه
ثم بناؤه حديثا بالطوب الأبيض
تسري في جسدي قشعريرة قوية
كأن جسدي يحن كثيرا ً إلي هناك
إلي حضن الأرض
خيالي لا يبتعد عن تلك الحجرة الضيقة المظلمة
التي كنت شاهداً على بنائها ..
من المؤكد أن هناك عالم أرحب وأجمل
كأن روحي
تترك جسدي الأعزل هناك
وتحلق في فضائها الفسيح
كأنها ترى أبي وأمي
تسرع إليهما تقبل أيديهما وتعتذر
ثم يتركوني أتطلع إلي عالمي الجديد
أري أشجار فاكهة عالية
وعصافير كثيرة ملونة فرحة
عالم أبيض كالثلج
وأنهاراً كثيرة
لا آلام هناك ولا أوجاع ولا نصب
كلما نظرت روحي المشاغبة
إلي أي اتجاه
ترى عالما ً سرمدي..
جميلا يشبه الغمام
روحي تحلق ...
تتطلع بشغف كبير ..
ثم تعود ..
لتقف على شاهد قبري
تروي عالمها الجميل
وهي تنظر بزهو إلي الريش الأخضر الملون
الذي نبت حديثا ً
فوق جناحيها..
عندها فقط....
استيقظ وأنا ارتجف هلعا ً
وصوت أبي ينادي أن لا أبتعد
وأنا أرسل إليهم أشارة وداع
.................
بقلم ...جمعه عبد المنعم يونس ..