مذكرات سجين
الحلقة الثالثة 3️⃣
✍️بقلم عبدالله الحداد
✳️ في المسجد
🔹 جلست في المسجد وأنا أتفرس وجوه النزلاء من حولي - وبوضع الاستعداد للعودة للتحقيق , ومن ثم العودة إلى بيتي كما وعدني المحقق .
للأسف لم أستطع التعرف على أي من الشخصيات الموجوده . لم أتكلم مع أحد فكل من كان هناك منشغل بنفسه ( ولا يسأل حميم حميما ) .
🔸طال انتظاري والدقائق تمر كأنها أيام طوال ... تعب جسدي , وأحسست بدخان يصعد من عقلي من شدة التفكير ....
أستلقيت على ظهرى حتى سمعت أذان الفجر ... توضأت ثم صليت الفجر ... وبعدها تناولت مصحفا وظللت أقرأ حتى جاء موعد الإفطار ... وما أدراك ما الإفطار .
دعاني أحدهم لتناول الإفطار معهم ... ولكوني مستجد فقد كنت بحاجة إلى من يعزمني أما النزلاء القداما فبمجرد أن تأتي وجبة أحدهم حتى يتهافتون إليها و يتراكبون من شدة الزحام ! ودون أن يغسلوا أيديهم أو وجوههم ( أقصد الذين ناموا بعد الفجر ) , وبالكاد تلحق لك لقمتين أو ثلاث .
🔸هنا النزيل يدفع حساب كل شيء .. الوضوء , الاغتسال , وحتى موضع فراشه يدفع إيجار ه !
🔸 قد تستغربون وتقولون : هذا سجن حكومي فكيف ذلك ؟
💁♂️ سأجيب عليكم أيها الأعزاء :
كل نزيل في هذا السجن الذي يفترض أن يسمى سجنا تحفظيا لمدة 48 ساعه فقط , وقد تزيد قليلا أو تنقص المدة المطلوبة لجمع الاستدلالات ثم يحال المتهم للنيابة وبعدها للقضاء , لكن وجدنا من يخبرنا أنه قد قضى عاما كاملا في هذا السجن .
🔸المهم لنعد لموضوع الإيجارات ... فكل سجين لا بد أن يدفع 50 ريالا في اليوم. لكي يسمح له بالوضوء , أما إن أراد أن يغتسل فعليه أن يدفع 100 ريال مقابل أن يملأ العسكري الجردل الصغير ثم يغلق المحبس بالقفل الخاص به .
الشامبو للمدلعين الذين لديهم فلوس فالكيس ابو 5 ريال ب 20 ريال .
أما إيجار المكان فهو خاص للنزلاء في المسجد والذي يتهافت الكثير من النزلاء الذين يحبون أن يحفظوا شرفهم من الإهانات والإيذاء الجسدي ... فكيف ذلك ؟
أول يوم مجاني للنزيل الجديد ...
وفي اليوم الثاني يأتي إليه شاوش. السجن يأخذه إلى عنبر واحد ... وما أدراك ما عنبر واحد ؟ يقشعر بدنك بمجرد أن تلج الباب ... لماذا ؟
أولا : لأنه مكتض بالسجناء ... فلا تستطيع أن تمد رجليك .
ثانيا : لوجود المجرمين واللصوص وشذاذ الأخلاق .. وممكن تحصل على وجبة دسمه من الضرب إن بقيت بينهم .
ثالثا : مليء بالأوساخ والحشرات ومنها الكنم والكتان والقمل أشكال وألوان !.. لأول مرة أرى كنم ( بضم الكاف والنون وتسكين الميم. )بألوان مختلفة ومنها لها أذيال ! .
يدفع الشاوش بالنزيل الجديد إليها بكل قوة حتى يسقط فوق النزلاء ثم يغلق الباب بالقفل .
🔸المهم بعد تناول الصبوح لقيمات وأنا أتقزز من منظر بعضهم , تهيأت لأن أسمع من ينادي باسمي لنكمل التحقيقات ثم العودة إلى المنزل .... وكلما دخل عسكري إلى السجن لتحصيل الغلة أهرع إليه وأستنجد به يكلم الفندم أحمد يكمل معي التحقيقات بحسب وعده ..... يذهب أحدهم ويأتي آخر ... لكن لا جدوى ... غفوت قليلا حتى الساعة الحادية عشرا تقريبا .. ثم صحوت. ... ألتفت يمينا أتفرس في الوجوه المكفهرة لكني لم أستطع التعرف علئ أحد ! , ثم التفت يسارا وهنا كانت المفاجأه !!! . نظرت مرة ثم رجعت البصر كرتين !! .... نعم هو بشحمه ولحمه! . إنه الأستاذ أديب المذيع المشهور في إذاعة تعز .... صحت بفرح يخالطه الذهول .! .. أستاذ أديب ...ماذا تفعل هنا ؟ .... وبنفس الشعور يصيح ويقول : وأنت ماذا تفعل هنا ؟
قلت له : أنا أعرت حقي الموتور لعبده فاتهموني بإطلاق النار وتفجيرات لا أعلم عنها شيء .
تنفس صديقي الصعداء ... ثم قال : أنت استعار منك الموتور وأنا حل علي ضيفا ونام عندي ليله ... وأنا هنا لهذا السبب !! .
حسبنا الله ونعم الوكيل ِ... الله لا ألحقه خير .
🔸 جاء الظهر فصلينا ... ثم تغدينا مع الناس .
ثم جلسنا للمقيل مع النزلاء في المسجد ... عرفنا فيما بعد أن أبرز السجناء هو الشيخ عبدالولي الجابري والذي أصبح فيما بعد عضوا لمجلس النواب .
كان الكثير من السجناء يتسابقون للجلوس بجواره ... نستمع لبطولاته وكيف قاوم الحملة العسكرية التي حاصرت قريته ودارت بينه وبينها معارك قوية .
كان من بين النزلاء ضابط شد انتباهنا عندما بدأ يتحدث عن القضية التي اتهمت فيها ..... وبدأ يسرد تفاصيل الصراع حسب قوله
بين مدير التربية بمديرية السلام السابق وبين المدير الجديد المعين .... وبحسن نية سألته : ولماذا لم يعتقلوا المدير المتمرد ؟ لماذا تم اعتقالنا نحن المساكين الذين لا ناقة لنا في القضية ولا جمل ؟
فأجاب : المدير السابق مش مطلوب لأنه غير موجود في المدينة ؟ ولم يطلب من أحد أنه يقاوم السلطات ... هو سلم المكتب وانصرف !! .
ثم بدأ يسألنا ونحن نجيب بكل صراحة على كل تساؤلاته ونحن نظنه مسجونا ظلما كحالتنا ..... وعندما لم يجد أي معلومات معنا افتعل قصة مع الضباط بالخارج حيث تم استدعاؤه للتحقيق ... ولم يعد بعدها إلى السجن .
🤷♂️ من كان هذا الرجل ؟
كان ضابط استخبارات تم إدخاله كسجين ليحصل على معلومات , ولحسن حظنا لا توجد لدينا أية معلومات حول القضية .
💁♂️ تجاهلنا المحقق ولم يستدعنا .... زاد القلق والهم والغم وهاهو الليل يجثو على نهار مظلم فازداد ظلاما وقهرا .
💁♂️ غدا نلتقي مع أحداث مثيرة وتطورات جديدة في حكاية الأستاذ نزيه .
تابعونا .