🙋تلك السمراء🙋
سامقة كنخلة في البيداء
تحس في هيبتها طبقة النبلاء
ومتواضعة وبسيطة جدا كالفقراء
جميلة كحديقة مثمرة خضراء
رشيقة كغزالة ظمآنة ارتوت بماء
نضرة تفوق القمر ألقًا وبهاء
محترمة يكسوها حياء
معتدلة القوام بلا انحناء
تزين أناملها الرقيقة الحناء
كنجوم الليل في كبد السماء
يشع من عينيها دفء تحسه في عز الشتاء
ليست بيضاء أو سوداء
إنها حورية فريدة سمراء
تملأ رائحتها كل الأرجاء
قليلة حديث كأنها بكماء
انتقائية في الاستماع كأنها طرشاء
لبقة وحكيمة صعبة الإقناع والإرضاء
ذواقة وفطنة يستحيل معها الإغواء
انها لوحة جميلة رسمت بذكاء
استثنائية من الألف إلى الياء
إن تحدثت كان على الحضور الإصغاء
وإن صمتت عم الصمت الأجواء
وإن مشت فسح لها المجال كالأمراء
إن ظهرت تكالب عليها العظماء
وذهب إليها أفواج الأدباء والشعراء
يختفي البدر لوجودها بالأنحاء
وفية ودقيقة كأنها منزهة من الأخطاء
فريدة كأنما لم يخلق الله معها نساء
تتوارى خلف غلاف الحياء
وتتخذ من الورق والكتب غطاء
وتلك الصفحات من وحشية العالم احتماء
ومن شتى المكتبات اصدقاء
والعجب أنها فضلت الإختباء
بين الورق على التجول في العراء
ها أنا وقد قلبت الصفحة الأولى البيضاء
وإذا بابتسامة كقطرات المطر صفاء ونقاء
لفتت ناظري وتخللتني بخفاء
فأثارت فضولي تلك الحسناء
صاحبة البشرة والهيئة العذراء
تلك التي تختبئ مني بحياء
بدأت القراءة بالمقدمة كعادة القراء
اذهلتني الفقرة الثانية الغنية بالمدح والثناء
وعزمت ألا أترك القراءة كبعض القراء
إلا وأعرف من هي تلك الحسناء
فقد كان وصف الكاتب دقيقا لتلك السمراء
وجميلاً لدرجة أني خلتها في الأنحاء