مـــــــــذ كـــــان
مذ كان .. وكان الهوى في الزمان
وكان الحب وكان الحنان
لمّا يزل يتساءل :
كيف تُناجَى حورية تُشعل الأشجان
تَعُجُّ بها الأحلام
النسيم من هفيفها والشذى والأقحوان
كيف تلامسها العيون وتتأملها البنان
كيف تتشربها المسام
كيف .. حين تطل من عليائها
وكيف حين ينبض بها المكان
رقيقة منسابة غزيرة معانيها
ملتهبة الحروف شجية الألحان
شفايفها قطوفُ وردٍ دان
زهور وتغريد طيور
عصافير كثيرة الألوان
عنب ورطب ورمان
في صدرها الأمان
قيثارة تعزف أحلى الأغان
بين يديها أورغانون
يصدح بأعذب
الأنغام والأشجان
كيف وسمائها غيث يزف الألحان أنهار
عشقا تمطر ، سحرا ولهيبَ نار
وثراها دونه الأسفار
الشداد ، الكثار
جمعٌ بين الإمكان والمحال
كيف توصف وكيف يُثنَى عليها
وكيف تُمدَح وكيف تُشكَر
كيف لا يكفِ الوصف ولا الثناء
يا إلاهي
ولا المدح للمديح
ولا الشكر لشكرها
ولا الإمتنان للامتنان
جميلة محيا وقوام
وروح ولسان وكيان
على لسانها ينطقُ الحنان
والحكمة والهوى والغرام في آن
كيف.. وبما.. يا لرهافة قلب الانسان
كيف يبدد طاقته بين الضلوع وعلى العيون
ولا يهب الفم طاقته ، تنعقد اللسان
ولا تأخذ مداها النغمة
ولا الأكف ولا البنان
وتنتحب الأحضان
أحن لها ، للالتحاق بها في عرشها
الحلول بين يديها، والاتحاد
السكر من رضابها
ومما تمتلئ به من حنان
كيف أذوب في نارها
وأنهل من نعيمها في نفس الأوان
الجنة لا تخلُ حتما من نار
وليس للنار أن تتوهج
دون زاد من حَنان
وإلا فستخمدان ....
وتهمدان وتتجمدان
وتفقدان أي عذاب
وأي نعيم وأي وجود وأي معان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالعزيز دغيش .