كسكس بغير رجال
لكاتبها: أ. عبدالإله ماهل من المغرب
قربت الشمس نحو المغيب، وآذن يومه هذا على الانتهاء، ولا شيء يوحي بانفراج؛ وكأن لهيب الحر استحلى المكان، وعز عليه ان يستودع بسلام.
توضأ واحتمى بظلال المسجد، سبح ودعا، وفاز بثواب صلاة المغرب وفي حينها؛ ليختم مقامه هذا على حضور، أم شيبا وشبابا شاركهم تلاوة الحزب.
عاد أدراجه، يتماهى في ظلمة حالكة بين دروب، سطرت معالمها احفار بعير، واقدام صبية عراة حفاة، على وقع خطى حثيثة إلى ذلك البيت المتواضع الذي انجر اليه ارثا من ابيه، أبى إلا ان يتمسك به؛ وكأن به سحر غريب لا يكاد يبرحه سنة حتى يراوده الحنين اليه، ويعود مسرعا اليه.
- بين أدغال وادي أم الربيع استقر فاتح شريف من سلالة آل البيت، طوع الأرض، وأنجب النسل، وانبرى أصلا لفروع تفرعت من صلبه، ومزارا يشد اليه الرحال تخليدا لذكراه، ومناسبة لصلة رحم قلت في الزمن هذا -.
ومن بعيد، لاحت اليه نسوة أرضا؛ وكأنها استراحة محارب بعد يوم قضينه في الرعي والكد، وقد علت ضحكاتهن سكون الليل، يتسامرن، يتجاذبن أطراف الحديث.
لم يشأ أن يفسد عليهن خلوتهن، حياهن، فبادلوه بأحسن منها... انهن بنات الاعمام ولا شيء يعز فيهن.
فكان اقتراح منه، سرعان ما لقي ترحيبا منهن؛ ليقمن من ساعتهن وفي اليوم الموالي بتقسيم الأدوار، تصادف ويوم الجمعة، فكان كسكسا بسبع خضار، طهي ولا ألذ منه، فخار على نار من عيدان.
كفى واستكفى، استأثر به نسوة الجوار وحدهن دون سواهن من رجالهن...
... لتقوم عليه اللائمة؛ وكأنه أتى بشيء فريا.