كانت هنا...
محمد العبودي،،،
كانت هنا
حولها كل الصور…
هنا دجلة
هنا الفرات
ومجراهما باسم
الثغر
هنا الذكريات
كتبت على بعض
الحجر،
هنا ملامح بلدي
نقية جميلة رائعة
مثل البشر…
يالخوفي ان
يجرفها مجرى
النهر،
كانت هنا....
وحولها ملايين
البشر،
صديقتي،حبيبتي
معشوقتي على مر
الدهر،
مدورة كالشمس
مشرقة كالقمر
تحيطها الحقول
وتحميها من الخطر
سنابل فارعة الطول
تذود عنها سماءً وبر
كانت هنا… .
قبلة للعارفين
وصرحًا للدارسين
شاهدًا للثائرين
وعلْمًا وفنًا ومنارًا
للوافدين…
كانت هنا
عروس الرافدين
حسناء الأمصار والأقاليم
لا يجلس على عرشها
إلّا ذو حظ عظيم….
ذات ليل عقيم
تفجر الصبح شرارًا
يقتل كلَّ حلمٍ جميل
يلبس الفجر حدادًا اليم
يبكي ماضيًا أعظم
من حاضر سقيم
يحاصره قاتل غريم
يفتك بأوصاله
ويمزق تاريخها السليم…
ماتت هنا
ومات من حولها كل
الشجر..
واستلقت على قارعة
الطريق
تلك الكنائس والمآذن
بلا تكبير….
اديرة طالها التفجير
ومدارس هُدّمت بلا تفكير
والنواقيس مظلمة
تبكي السهر…
ماتت هنا
كل تلك النوارس
تمددت على شواطئ
عريانة هجرتها الحياة
دون سبيل
كل الصور تمزقت
واحرقت ملامحها
وضاع بحرقها حلو الخبر
ماتت هنا
ومات بموتها مجرى النهر
ماتت هنا
حضارة بعمر القدر..
وتمايل التأريخ
هوى يحتضر…….