فَلَكُ الحمامِ
عَبِقٌ نشيدُ البحرِ في أَلَقِ الغمامْ
هُوجٌ رياحُ التِّيهِ في فلكِ الحمامْ
و خلفَنَا حَدْوُ الخُطَى :
فإلى الأَمَامْ
يا صبرَ أيُّوبْ
بَرْدٌ نارُ الخليلِ و ألفُ ألفِ سلامْ
كُنْ بينَ بينْ
منكَ و فيكَ يخْتلِجُ الكلامْ
هنا،
على أديمِ جراحِنَا
يتكدَّسُ الوقْتُ مُنْهَكًا
ليُرَتِّبَ موعدَ الكشْفِ عن شيخُوخَتِهْ
هنا
لم يعُدْ يطحَنُ وَخْزَ المواجعِ
هنا
في شرايينِ هذا الوقْتِ
يشتَدُّ الزِّحامْ
فلا وقت للوقتِ إذنْ
كي يمُدَّ هامةَ الذِّكرى
و يُرَصِعَ الدّرْبَ بأعْمِدَةِ الرّخامْ
يقول سيبويه و هو يُقَعِّدُ نَحْوَهُ :
للنفيِ لاَمٌ
و للنَّهْيِ لامْ
فيا مُقْتَضَى الحالِ دَعْنِي أُدَشِّنُ
في ما يُقَالُ المقامْ
أَ تَفْهَمُ ما أَقُولُ ؟
يا سليقِيَّ البضاعةِ
كِلاَبُ الحيِّ تَعْوِي في السّرابِ
كلَّمَأ أزَّتْ مُجَنَّحَةٌ في ملكوتِ الهُيامْ
فَالْعَقْ غُبْنَ النُّبَاحِ ،إذنْ
لمنْ تُغنِّي يا غُلامْ ؟
بارَتْ أغانيكَ القديمَةُ كُلُّهَا
و تبعثرتْ ألْحانُكَ في الظّلامْ
فآجْمَعْ شتاتَكَ قَدْرَ حَجْمِكَ
و آغْرِزْ عُضَالَ وَهْمِكَ في الرُّكامْ
أَ وَ تفهَمُ ما أقَولُ ؟
يا سليقيَّ التَّوَهُّمِ
عِ شوقَ الطَّريقِ إلى شِبْرِ ظِلًّ
كي يستريحَ العابرونْ
وَمَدُ الهجيرِ في نواصي خَيْلِنَا
قد يُرْبِكُ نِيَّةَ السّيْرِ
فلْتُرَاجِعْ يا غُلامْ
هندسةَ الظلالِ تحت شَمْسِ الأُمنياتْ
عِ يا غلامُ
حاجةَ الوقْتِ لهامِشِ ظِلٍّ كي يمرَّ العابرونْ
قِ نفسك من تبضُّعِ الوهمِ في سوق الظّنونِ
حيث تَكَدَّسَ السّمَكُ النهريُّ و البحرِيُّ
و شتّى أنواعِ الحلالِ
و شتى أنواعِ الحرامِ
قِ نفسَكَ من نفسِكَ
و ثُبْ إلى رُشْدِ الإرادةِ
للنفيِ لامٌ
و للنهيِ لامْ
و بينهما يستوي الظّلُّ
و تَعْرفُ الذَّاتُ ذَاتَها
و هندسةَ السّقُوطِ
و هندسةَ القِيَامْ
و فَنَّ التَّرَسُّلِ حين نَزِفُّ التحيّةَ لمَنْ لَهَا أَهْلٌ
و حين نُوَشِّحُ قوْسَ قُزَحْ
بِباقاتِ السَّلاَمْ .