معاذ زكريا خالد
-
عذراً يا سادة
نكتفي بهذا الغدر
من جنس البشر
من لهم أرواحٌ خشبيةٌ وقلوبٌ من حجر
أساتذةٌ في فن الخداع والمكر
على الخير قط ما إجتمعوا
وتراهم خفافاً عند كل شر
يعطوك من طرف اللسان حلاوة
ويغرسون من وراءك ألف خنجر
نكتفي بهذا الغدر
قدرة الأفعى على تغيير لونها
تتضاءل أمام قدرتكم أنتم بالذات
يا من تصبحون على حالٍ
وتمسون على النقيض إذا ما الصبح فات
لقد أكثرتم في النفس الجراح
فلم يعد هناك متسع لأهات
من يستطيع تحمل سمومكم
من يستطيع إحتمال كل هذه المرارات
عذراً يا سادة
نكتفي بهذا الغدر
-
سألتُ
أين الطيبون الذين كانوا يجملون الدنيا أينما رحلوا
لله درهم إن كانوا أحياءً وإن رحلوا
قالوا أولئك قومٌ قد طوى النسيان سيرتهم
وإنما تطوى السيرُ لدنو الأجلُ
تلك أمة قد خلت لنا أفعالنا
ولهم من أفعالهم ما فعلوا
فخلف من بعدهم خلفٌ
غلاظُ القلب متبلدي الإحساس والأملُ
نحن الآن نعيش في زمن الأشرار المطلق
أهل الشعاوذ والدجلُ
قومٌ من فرط شِدتهم
كأنما من نسل كل طاغيةٍ نُسلوا
ترى في وجوههم لوم عُتبة
وطغيان أمية وصلف أبي جهلُ
قومٌ كأنما أرضعوا الغدر بلبانِ
وعلى كل خصيلة سوداء قد جُبلوا
قالوا أتريد معرفة المزيد عنهم
أم كفاك ما نُئبتَ في الأسطر الأُولُ
قلت:-
عذراً يا سادة
نكتفي بهذا الغدر
-
الدنيا تدثرت بدثارٍ أسود
القمر أصبح غريباً ومنبوذاً في البلد
الليل أسدل خيوطه السوداء
حتى أضحى وحده سيدُ المشهد
-
الأسد لم يعد ملكاً للغابة
ما عادت صرخته مهابة
ما عادت دعوته مُجابة
الفيل
أصبح محبوب الجيل
أيقونة الرشاقة والخصر النحيل
أما الغراب
فأصبح مطرباً للشباب
يغني على الأغصان
مختلف الألحان
والبلبلُ من وراءه
يردد معه في إنسجام
الذئب صار وليفاً
لدرجة أن الغنم صارت تدعوه خِل
كم من شئ كان جميلاً
فجأة إكتسب مذاق الخَل
ما عاد الربيع يزور حديقتنا
ولغيبته ماتت أشجار الفُل
في الماضي عشنا أياماً مُرة
ولكن هذه الأيام أقسى وأمر
ترجل الإمام وإعتلى السفيه المنبر
يحدث الناس عن كل الأمور
ما يعرفه منها وما يجهل
بدأ بعلوم الطاقة
مروراً بأشراطِ الساعة
وختم حديثه بمحاضرةٍ عرجاء
في النحو والبلاغة
الأمين
أصبح موضع الشك والتخوين
قالوا سراق
جمع ماله بالغش والنفاق
تغير مفهوم الشرف
أصبح في زماننا مرادفاً للترف
كلما إزددت مالاً
صعدت درجةً في سُلم الشرف
يا للأسف
يا للأسف
عذراً يا سادة
نكتفي بهذا الغدر
-
قلبي عليك يا وطن
من أين لك القدرة على إحتمال كل هذه المحن
من أين لك الصبر على إجتياز كل هذه الإحن
وأنت مُبتلى يا وطني ومُمتحن
بساسةٍ أدمنوا الفشل
مثقفون غارقون في الجدل
مسؤولون عاطلون عن العمل
مواطنون يعانون الفقر والجهل
لعلنا لا نفرطُ في التشاؤم إن قلنا
أنه لا يلوح في الأفق القريب أو البعيد
أي بارقةُ أمل
عذراً يا سادة