4. الحقيقة
مر الصيف و معه أحزاني و مع أول ايام الخريف عدت الي عملي. سلمى، سكرتيرتي أصحتني من أفكاري.
- سيدتي ، شخص يصر على التحدث معك.
أخبره أنني في اجتماع.
لقد أعلمته بذلك. و لكنه صارحني بأنه يعلم أنك تماطليه.
إذا كان لا يريد أن أكون في اجتماع، أخبره أنني لا أريد استقباله.
عادت سلمى من حيث اتت، و بالفراغ التقت. لكن طرد ضخما كان يرتقب. حملت الهدية إلى صوفي فلاحت بعد فتح الطرد لوحة زيتية أين امرأتان حاملات تتقاسم نفس السرير، و مع اللوحة مطلب خطي يشابه في رسمه كتابة الرسائل.
- سيدتي صوفي أنا في حاجة ملحة للقائك، فهي مسألة حياة أو موت..
والله إن العمل الفني ثرثار، فكرتُ و أنا أحدق إلى تجاعيد الرسم و كآبة الألوان.
بعد يومين ، وصلت إلى العنوان المحدد قبل نصف ساعة. ها أنا أمام "دار الصفاء". ابتسمت ساخرة، إذا كان الصفاء هنا، فاين تختفي دار البلاء ؟
قمت بمسح ساحة المنازل المحيطة... كانت قصورا فخمة من الطراز القديم، تهيمن عليها أسوار غير قابلة للعبور... قرعت الجرس فجاءت خادمة لمقابلتي.. أردت أن أقدم نفسي، لقد جعلتني أفهم أنها تعرفني.
لقد سمحت لي بالدخول، لكنني ندمت بسرعة على ذلك، كان الزوجان يتجادلان.
- لا يمكن أن يستمر الأمر هكذا! إذا وافقت على السماح لك بالمجيء والاستقرار هنا، فهذا لكي تتحسني، وليس لتنحبي شخصك !
- أنا لا أندب مصيري.
- لم أعد أعرفك. لن تحل مشاكلك عن طريق عزل نفسك عن بقية العالم.
- سأوضح لك أن هذه مشكلتك أيضًا.
- لا. بالنسبة لي، مشكلتي الوحيدة هي العودة إلى المنزل كل مساء والعثور على زوجتي التي لم تعد تهتم بأي شيء، باستثناء معرفة ما إذا كنت قد اشتريت قماشها، أو فحمها، أو أكريليكها...لا أعتقد أنك تعرفين ما يحدث بقربك. لقد أصبحت أسوأ من أولئك الذين تهرب منهم.
- أنا لا أهرب من أحد.
- وصديقتك صوفي التي لا تكفٌي عن الحديث عنها، مثل عاشقين تركا بعضهما البعض بعد الخيانة.
- أيها المسكين، كعادتك تشوه الحقيقة.
- ليس هناك فائدة من الجدال معك، وأنا متأخر الآن.
- اخرج من هنا و اذهب بعيدا. لا تنسى رؤية حبيبتك. عد إلى عالمك الرائع حيث يعرف الناس كل شيء. اذهب واشرح لضيوفك الأعزاء كيف يعمل العالم، وقبل كل شيء، لا تكلف نفسك عناء أن تشرح لي كيف سيتعامل عالمنا مع ما يحدث لنا. ارجع إلى مقهاك لتشارك اترابك الغباء و التفاهه.
- ارجعي الى رسمك و استقري في عالمك الصبياني..
- أرحل، لم أعد اتحمل وجهك هنا.
دون أن يجيبها، غادر غرفة المعيشة. بدا مستاءً. ، مر بجانبي، مخطئًا في أنني الخادمة !
- إذًا ليس لديك ما تفعله في هذا المنزل سوى الاستماع خلف الباب...
قررت مغادرة المكان. لكن زوجته اندفعت وراءه ملوحة بكل كلمة غير لائقة. منادية بأعلى نبراتها:
- بلَغ الأمرُ حدًّا لا يُحتمل...
عندما استدارت، وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه.
وبدون التشاور مع بعضنا البعض، بدأنا في الضحك.
يتبع
بقلمي عبدالفتاح الطياري