mardi 26 novembre 2024

”الإرتمـاء في حضـن الذاكـرة" /// بقلم الأديبة فاطمة لغباري


قـراءتي في لوحـة الصديـق الفـنـان التشكيلي محـمـد نصـر الديـن

بعـنوان : ”الإرتمـاء في حضـن الذاكـرة“
رحلـة ممتعـة أقـترحـهـا عليكم في هـذا المُـنجَـر الإبـداعي للتشكيلي نصـر الـدين حـيث سيأخـذنـا في جـولـته هذه، إلى مشهـد طبيـعي بـانـورامي
ليكـشف لنـا بكل سخـاء عـن قـوّة فـنّـه، فيهـدينـا خـبـايـا كـيانـه، ويُدخـلنـا عـالمـا فـنيـا مبهـرا، حـيث البسـاطة والهـدوء الصـافي

الخـطوة الأولى
في المشهـد، نـرى وقـوف شَيخـان بِـزيّ تقلـيدي أمـازيـغي، يتـأمـلان المنظـور الواسـع والبـانـورامي لِـدوار معـزول محـمي بطبيعـته، مـع التركـيز على قمـم جبـال عـالـية مـن الجـرانيت الـوردي التي تسبـح بيـن غـيوم بيضـاء، مـع تبـاين ظـلال الجبـال
وتـدرج رائـع للألـوان (الأبيض والأزرق السمـاوي والرمـادي) في رسـم السمــاء والسحـب بطـول أفـق اللوحـة

ومـن الملاحظ أن التشكيلي أغفـل تفـاصيل الوجـوه والمـلامح، استخـدم هـذا التكـتيك (أي تـرك شخـوصه مجهـولين وبـلا مـلامح) مقـابل التركـيز أكـثر على تعـبيرات الأطـراف وحـركات الأجسـاد
وجعـل تشكيلات الغـيوم البيضاء تثـير إحساسا بالسـلام والطمـأنينة، وتُشعـر النـاظر برحـابة الطبيعـة وجـلالها في يـوم غـائم.
ممـا جعـل المنظـر يوصـل إحساسا انطباعـيا بالجـو.
كمـا نـرى مَـزارع خضـراء، وبعض مـن مساحات محـروثة بين الجبـال والتـلال،
ممـا جعـل المشهـد الطبيعـي يفـوح بالهـدوء الصـافي ونشـوة الطمـأنيـنة ومـذاق الأمـان وتعـزيز الاسترخـاء الذهـني البـدني

بالإضـافة إلى بيـوت مـن طيـن وحجـر ، متقـاربة ومتبـاعدة، ذات ألـوان ترابيـة فـاتحـة تعكس تـراث الأجـداد والأعـراف والتقـاليد منذ القـدم، وحـتى عصرنـا هـذا ..
ٱستخـدم اللـونين البـني والأخضـر في المَـزارع مجسّـدا بذلك الخصـوبة والعطـاء ..

ومـا يلفـت الإنتبـاه، أنـه ليس هنـاك في هـذا المنظـر سـوى الطبيعـة وحـدها، إذ لا وجـود للبشـر باستثنـاء شَيخَـين
ركّـز أكـثر على الطبيعـة كَمكـان يتعـايش فيـه الإنسـان والنبـات جـنبـا إلى جـنب بسـلام
(والحـيوان ولـو أنـه لـم يُشـر إليه في اللوحة)
مـن الواضح أن التشكيلي اهـتم أكـثر بأدق وأصغـر التفـاصيل، وذلك مـن خـلال أسلـوبه الـذي يتّسـم بالبسـاطة والتلقـائية في تمـثيل (الجبـال، التـلال، الأشجـار، النبـاتـات، الظـلال، الحجـارة)
بطريقـة تجعـل اللوحـة أقـرب مـا تكون للصـورة الفوتوغرافية
وقـد تمكّن مـن تصوير منظـر شـاعـري لِـدُوّار قـائـم بذاتـه بأسلـوب انطبـاعي متفـرد
وهـذا دلـيل على نظـرته المتفـائلة للحيـاة
مـا يـرنو إليه التشكيلي في هذه اللوحـة، ليس رسـم المشهـد الطبيـعي، بـل الشعـور الذي يخلقـه المشهـد الطبيـعي في نفـسه.
ورغـم بسـاطة البيـوت فهم يعـيشون في راحـة بـال واضحـة لا تنكـرها عـين الـرائي
(القـرية، البسـاطة, السكـينة، الهـدوء، النقــاء، الفـطرة)
كلهـا مفـردات تسيطـر على شعـورنـا لحـظة تـأمـل هـذا الحقـل الإبـداعي
التشكيلي يـروي لنـا سـيرة حيـاته بالألـوان، وهي ليست بالضرورة سيـرة فـردية، إنهـا نقـل لِـتفـاصيل محـيط العـائلـة والجـيران ...
كان موفّقـا في اخـتيـاره الألـوان التي تـلائـم معـاني اللوحـة.
هـذا دلـيل على عمـق ارتبـاط التشكيلي بتـاريخـه العـريق، وأصولـه الأمـازيغـية ؛ فهـو شديـد التعلـق بـالأرض

أراد التشكيلي نصـر الـدين أن يُجـسّم لنـا مـدى ارتبـاطه العـاطفي الدافـئ بالقـرية
فهو ابـن القـرية والمـدينة والسفــر ...
ويؤمـن بأن الإنسـان خُلِـق من أجـل / الطبيعـة

مـن هنـا نستشـف أن اللوحـة بيئيـة واقعـية تعكـس البعـد الـروحي للطبيعـة، وتحمـل إرث روح الفنـان، وذاكـرته وشجـن وجـدانه، والجغـرافية الراسـخة في خـريـطة روحـه.
جـدير بالذكـر أن التشكيلي محمـد نصر الـدين ابـن قـرية تـفـراوت، انتقـل إلى الدار البيضـاء واستقـر بهـا، وكان أستـاذا للفـنون التشكيلية سـابقـا، الأمـر الـذي أثـرى إحـسـاسه بدقـة التفـاصيل، وقـدرته على تمثيلهـا تمـثيلا صحيحـا
وأعـطى لهذا المـوروث التـاريـخي الغَـني قـوة فنّيـة وتعبيرية عـن الهـوية الأمـازيغـية،
فهو دائـم السفــر .. وقـد زار العـديد مـن البلـدان والمـدن، إلا أن قُـرى تفـراوت ظلـت المفضلـة والأثيـرة إلى نفـسه.
وقـد حققـت بعض لوحـاته أعلى المبيعـات ليصبـح الأستـاذ محمـد نصـر الـدين أعظـم فنـان تشكيلي لإحـيـاء المـوروث التـاريخي الثقـافي الأمـازيغي .

(العنوان من اختياري)
قـراءة نقـدية: فاطمـة لغبـاري
لوحـة الفنـان التشكيلي : محمـد نصر الـدين

طاب للعروبة /// بقلم الاستاذ بسيوني محمد

طاب للعروبة الفرح هلّ وعم جموع الأرجاء والخذلان كاد يطمس الأبناء وفي العيون بريق امل البقاء رفرف الحلم في عنان السماء في زمن عز الأبطال الشر...