ظني العمر هو الطفولة...
وبيوض في عش "ڨوبع"
ومرج وأحفورة...
ومنتهى الأمنيات خيام 'الزردة"
و بهجة شد الرحال إليها...!
وأيام "الزردة "وكسوة و"سنطورة"...!
وركض خيول...زغاريد وطلق...
ركض وسبق...
غرام وعشق...
ووقفة في أعالي الهنشير
غبار ولهو وحر الهجير...
سحاب ...ورعد... وبرق...
وسعي بين الخيام و"دورة"
و صخب وليل يطول
وضحك ولهو "وتزمير"
وصوت الجمال عند الصباح
و هذا الغبار وهاذي الرياح
ظني العمر عند الصبى
وليلة قمر في ذات صيف
ودفىء سمر في ليل شتاء
ثغاء قطيع في ذات عود
مبيت دجاج عند المساء
ظني العمر صمت القرى
وأنس القرى...
وأمن القرى...
ولهو عند الهجير...وجوع...
وجلسة انتظار عند غروب
و عند الضحى...
لكسرة من غناي "الحجير"
حصاد وجني...
كبرت وقد خاب ظني...
وأيقنت بأن العمر كالحلم توارى
ضاع مني سدى...
حنين وشوق....
فزاد إغترابي وقد خاب ظني
وهربت مني الطفولة مدى
وبهجة 'الزردة" وصفو الليالي
وهاجرت عصافير الربيع مني
وقد خاب ظني...
غراب البين فينا نعى
دمع ونبض وخفق..
فرقة وأسى....
وأصبحت في العمر طفلا غريب
وحل مكان السواد المشيب
ورحلت عني أيام القرى
رجعت لذات المكان
فلم أجد اثرا للطفولة والهجير
لم أجد ذا ك "الحجير"
وجدت بقايا "لبنطوف" دادة في البراح
من الهجر قد ضاع لونه
و كم لمعطف والدي...
في رماد المردومة والتراب
من الشمس والنسي بلى.
فأيقنت بأن العمرالسعيد مضى
بأن العمر الجميل...
توقف عند الطفولة
وما زاد عن ذلك خراب
و حشة واغتراب....
وكلما عشت يوما جديدا
أطارد وهما وأحلم
ليس في الأفق غير زيف السراب
وقد خاب ظني حين وهمت
بأن العمر هوالطفولة...
بأن كل أيام العمر صبى وشباب...!
-سميربن التبريزي الحفصاوي-تونس
هامش معجمي:
-ڨوبع : طير القبرة
-الزردة: مخيم و مهرجان قروي
-سنطورة: حزام جلدي للبنطلون
-دورة: جولة وفسحة
-الحجير: تحويطة من الخشب والقش لطهي الرغيف والخبز ..