رُوَيْدَكِ يَا رَحَى الأَيَّامِ إِنِّي
بَلَغْتُ مِنَ السِّنِينَ خَرِيفَ سِنِّي
وَقَدْ أَيْقَنْتُ أَنَّ اللَّهَ حَقٌّ
فَأَرْجُو الصَّفْحَ عَمَّا كَانَ مِنِّي
هَوَى بَدْرِي الْمُنِيرُ إِلَى أَفُولٍ
وَدَبَّ بِيَ الْمَشِيبُ وَمَالَ غُصْنِي
فَمَا بِكِ كُلَّمَا صَافَاكِ قَلْبِي
قَلَبْتِ لِصُحْبَتِي ظَهْرَ الْمِجَنِّ
فَلَيْسَ يَطِيبُ فِي الدُّنْيَا هَنَاءٌ
وَلَمْ تُنَلِ الْأَمَانِي بِالتَّمَنِّي
جَزَى اللَّهُ الْأَعَادِي كُلَّ سُوءٍ
شُرُورُ النَّاسِ تَنْبِذُنِي كَأَنِّي
جَنَيْتُ جَرِيرَةً وَأَتَيْتُ ذَنْبًا
فَمَنْ وَاشَى عَدُوِّي النَّذْلُ عَنِّي
سَأَحْفَظُ عَهْدَ أَيَّامٍ تَقَاضَتْ
فَكُلَّمَا خَاطَرْتُ يَزْدَادُ حُزْنِي
وَمَهْمَا طَابَتِ الدُّنْيَا وَرَاقَتْ
تَمَادَتْ فِي الْحَمِيَّا وَالتَّجَنِّي
فَفِي السَّرَّاءِ كَانَتْ مِنْ صِحَابِي
وَتُعْرِضُ عِنْدَ كَرْبِي لَمْ تُعِنِّي
حَسِبْتُ الْعُمُرَ لَنْ يَمْضِي سَرِيعًا
وَلَكِنِّي يَئِسْتُ وَخَابَ ظَنِّي
فَيَا حَظِّي الْكَؤودُ كَفَاكَ لُؤْمًا
وَإِنْ لَمْ تَرْعَوِ فَإِلَيْكَ عَنِّي
نَقَضْتَ عُهُودَ مَنْ صَافَاكَ حَقًّا
وَقَدْ أَقْسَمْتَ أَنَّكَ لَمْ تَخُنِّي
جَحَدْتَ مَوَدَّتِي وَنَفَرْتَ وُدِّي
فَلَيْتَكَ صُنْتَ وَجْدِي بِالتَّأَنِّي
تَنَفَّسَ فِي عَذَارِي زَهْرُ شَيْبٍ
فَرِفْقًا يَا زَمَانِي بِالْمُسِنِّ