lundi 20 janvier 2025

هواء الحرية
ق.ق.
17/1/2025
كان حلم ماجدولين أن تتخرج من كلية الصحافة والاعلام، وتتفرغ للكتابات السياسية، حتى تسلط الأضواء على بؤر الفساد، وتفضح الأشرار الفاسدين أينما تواجدوا...لأنهم يعيثون في الأرض خراباً حيث حلوا.
تخرجت ماجدولين في إحدى جامعات دول أمريكا اللاتينية، وأخذت تبحث عن عمل في دور الصحافة والنشر...
كان أصحاب مراكز النشر يقرؤون بعض كتاباتها، ويقولون لها، آسفون ليس عندنا أماكن شاغرة في الوقت الحالي...ربما في المستقبل نطلبك... إن شاء الله...
يئست ماجدولين من نشر مقالاتها، واتهمت ذاتها بأن مقالاتها لا
 تستحق، لكنها لم تستسلم وقررت متابعة الطريق الذي رسمته لذاتها، فالنضال واجب وهو يحتاج إلى متابعة.
اجتهدت وبذلت مجهوداً كبيراً للحصول على معلومات تدين فيه بعض الفاسدين في البلد، ووثقت المقال بالبراهين والصور التي تمكنت من الحصول عليها...
كانت متوقعة بأن مقالها سيحدث ضجة كبيرة في البلد، لكن جميع دور الصحافة قابلت المقال بالرفض القاطع. ولم تكن تدري بأن دور النشر تخاف من السلطات الحاكمة الفاسدة، هو السبب الحقيقي برفض منشوراتها...
قال لها أحد رؤوساء التحرير . يا ابنتي . يشهد الله بأنك كاتبة تقولين الحق، لكن يبدو بأن الحق في أمريكا الجنوبية يقتلونه وهم ذاتهم يسيرون في جنازته.
أغلب الأشراف في بلادنا هاجروا إلى كوبا حيث يعيشون حرية الكلمة. يعيشون حرية الصحافة الحقيقة. 
قالت لم يعد أمامي سوى وزير العدل هو سيقف معي . هو من يمثل العدالة، وهو الذي يمثل الدستور الذي يجيز الحريات الكلامية المكتوبة والمقروءة هو الكلمة الشريفة. وربما يوظفني في القصر العدلي تحت إشرافه.
قال لها وزير العدل: ما هذا الهراء الذي تكتبينه؟ دعك من هذه الكتابات التافهة. في المرة القادمة اضعك في سجن لن تخرجي منه ابدا.
في مساء ذلك اليوم . وقفت سيارة شرطة على باب الصحفية ونزل منها ضابط وعناصر معه ، قالوا لها بأمر من وزير العدل نفتش منزلك بحثا عن كتاباتك المخزية الضارة بالدولة.
وفعلا قلبوا البيت رأسا على عقب وكانوا يأخذون جميع ما يجدونه من كتاباتها وكتب ممنوع تداولها.
اثناء انشغالهم بقلب البيت استطاعت ماجدولين الهروب من نافذة الحمام الصغيرة، فرت هاربة إلى غابة قريبة من المنزل. واستمرت بالهروب حتى انهكها التعب، جلست تستريح، سمعت نباح كلاب الشرطة. وأنوار متحركة نحوها ، تابعت المسير حتى وجدت النهر، قطعته حتى تضيع الكلاب أثرها، بعدها جلست تستريح على الضفة الثانية مستندة إلى جذع شجرة فغلبها النعاس وغفت.
ايقظتها شمس الصباح وأصوات الطيور المغردة ، وكان لا بد لها من متابعة الهروب. وركبت قطارا واتجهت شمالا شرقا حتى تصل إلى شواطئ المكسيك ومنها تهرب إلى كوبا البلد الحر. وهي فعلا معجبة بالمناضل الشريف فيدل كاسترو حاكم كوبا آنذاك. 
سألها مدير الشرطة في كوبا عن قصتها ولماذا الهروب إلى كوبا. أعطته المقال الأخير الذي كتبته وانفجرت بالبكاء وتساقطت دموعها وقالت يا خسارة تعبي ودراستي...
سكب لها مدير الشرطة فنجان قهوة، وقال بصراحة والله على كلامي شهيد. مقالك رائع، انت كاتبة سياسية رائعة بكل المعاني.  
 كتابات ماجدولين ومقالاتها في السياسة في كوبا لمعت وتهافتت دور النشر تطالبها بالمزيد، وهم يدفعون لها المزيد المزيد لقاء منشوراتها الجريئة تحت حماية القانون.
حققت ماجدولين نجاحا في كوبا اوصلها إلى القمة، وهي تكشف المفسدين في أمريكا اللاتينية، ومن وراءهم.
وصار عندها دار نشر خاصة وموظفين تحت امرتها،
يبدو الحظ ابتسم لها. رئيس تحرير من الحاقدين الفارين من حكام بلده.
اعجب بالصحفية ماجدولين، ويبدو هي لأول مرة في حياتها سمحت لقلبها بأن يفتح أبوابه ليستنشق هواء الحب، وهواء الحرية معا... كانت تصلي تطلب من الله عودة الحرية لبلادها حتى تعود لديارها. لأن الوطن غالي يعيش في قلوب ابناؤه مهما قسى عليهم الوطن.
بقلمي: عبده داود

** ترنيمة تغيير ** ترنيمة التغيير ..  تنادي في المساء تشق جدار الصمت توقظ السماء تخبر القلب  أن الوقت قد حان للنهوض من رماد الجراح والعناء ....