lundi 13 janvier 2025

مسافر عبر الزمن
قصة قصيرة لكاتبها أ. عبدالإله ماهل من المغرب 
جمع دفاتره، واختلى بنفسه بعيدا بعيدا؛ يتطلع إلى خوض غمار تجربة، طال انتظارها، تكون بمثابة مسك ختام لأبحاث أنجزت على مدار سنين طويلة، تارة يصيب وتارة يخطئ، أبحر من خلالها في معارف شتى ولم تزده إلا إصرارا.
دقت ساعة الحسم، ولا مجال هذه المرة للخطأ؛ والحال أن جميع الحسابات والمعادلات قد وقع تمحيصها، ولم يبق إلا الضغط على الزر وانتظار ذلك المولود الجديد.
بدأ العد التنازلي، ولم يدم طويلا حتى تمخض عنه ذكاء اصطناعي جامع مانع قادر على التشكل على أيتها هيأة كانت؛ إذ يكفيه ما نوى إلا ويجده على الخط بالمرصاد " شبيك لبيك أنا بين يديك ".
استلقى على أقرب أريكة، أشعل سيجارة يتأمل في صمت مولوده هذا، وينفث عبرها تعب سنين طويلة كلها جد واجتهاد، ولله الحمد لم تذهب سدى، تكللت بثورة علمية لا يعدو أن يكون إلا مسخا؛ قد يحتمل كل خير وكل شر كالسيف ذي حدين.
خاف على نفسه أن يساء استخدامه؛ ومغبة سلطة جائرة تتربص به، لا لشيء إلا طمعا في ذلك المسخ ليس إلا.
وكأن حدسه لم يخطئ هذه المرة؛ إذ سرعان ما استشعر عن بعد حركة دؤوبة تحوم حول منزله، تضم أشخاصا في وضعية تدعو للشك والريبة في أمرهم.
دارت به الدوائر، فكر مليا، وانتهى به المطاف إلى خيار وبئس ما اختار: الفرار أم الردى، وهما أمران أحلاهما مر. 
وكأن ذلك المسخ استقرأ أفكاره؛ فتمثل له إنسانا سويا على هيأة محارب صنديد، أوتي من كل شيء سببا.
ابتسم وضحك ساخرا :" أيعقل لمثلي كرجل علم ومعرفة أن يدنس يديه بدم، ويرمى نسيا منسيا بمزبلة التاريخ ويكون شأنه في ذلك شأن أيها رجل سلطة وتسلط ".
لم يتأخر الرد عليه كثيرا؛ إذ سرعان ما غشاه موج من تحته موج كاللآلئ ما انفكت تتهادى تتماسى شدة واتساقا، مسافرا عبر الزمن...
وكلمح البصر وجد نفسه بأرض من غير ذي زرع، لا طير يطير وسير يسير؛ اللهم أطياف أشباه أناس يمرون عليه مر السحاب من غير حس ولا خبر.
مد بصره إلى حد "الشوف"، فلم يحصد إلا بياضا في بياض، يكاد وميض برقه يخطف الأبصار.
وفي غفلة من أمره، راودته وسوسة وإيحاء، خيل إليه أن تمة جيش عرمرم من تلكم الأشباه "نازل طالع" خبطا وضربا في بني جلدته من البشر.
رجع إلى نفسه، تفقد حواليه، ضغط بدل الزر أزرارا؛ لعله يستشف من صنيعته جوابا، ولا من ردة فعل؛ وكأن ما اصطنعه لنفسه خرج عن طوع يمينه، وبات خارج التغطية.
ساعتها أدرك أن تمة ملعوب يدار في الخفاء ضدا على إرادته؛ محاولة منه أن يعبث بأفكاره، ويرديه عبدا مطيعا لأهوائه، يحيي به حلما، ينهي به عهدا؛ وكأن السحر انقلب على الساحر.
فطن اللعبة وخاف أن يصاب بجهالة وينصاع لأوامر مسخ، خيب ظنه بعد أن وثق به، ارتد عنه وكن له العداء، تلبس به وكاد أن يجري فيه مجرى الدم؛ ضدا على بشرية جمعاء.
وبدون أدنى تردد، استجمع قواه وقام من توه بتفعيل الخطة البديلة، عطل من خلالها كل تطبيق يضر ولا ينفع؛ فأراح واستراح.

الما شار العقل باچر يضل خسران باچر بالقيامه مدوهن وحزنان ربك من يحاسب بيك  على انك بشر وانسان  وانت على ألارض عايش  براس حصان شراح تگول شجاو...