jeudi 27 février 2025

عبدالله صادقي 
المغرب 

العربيد :

سكن الليل و هدوء يعم الحي الا من بعض الاقدام المترنحة التي لا اشتم منها رائحة فقط لبعدها عني ببضع أمتار من النافذة والا لكنت سأمسك أنفاسي ، فهي دوما تزكمني .
هو أمر طبيعي ، فساعات من القعود اليومي بالبار تحت ضوء خافت باهت حيت لا يرى السكارى أحدهم الآخر الا كأشباح، فعيونهم مغمضة بلا إرادة و يشعرون ببعضهم من خلال ما تصدره الكؤوس وطقطقة اسنان وهي تضغط بقوة على حبات لوز تتناوب مع صوت الاضراس وهي كأجراس منبهة تطحن بسرعة خبزا وسردينا مقليا نضرا لكميته المحدودة جدا ولتعلن عن قرب الخلاص ونهاية الجلسة الحميمية الخاصة بالسكارى بإغلاق الخان حتى الصباح . ، ، احيانا تتحرك الالسن بكلام غير مفهوم لكن لا أحد يكترث بما يقال :
السردين قديم مثيل بالحار اللادع لطمس رائحته الكريهة ،
ولا تسمع جواب فقط انفاس نصفها ذخان يملأ المكان والكل في خدمة النسيان. 
لقد وصل منتصف الليل واتوقع ان الخطوة القادمة هي لجارنا العربي والتي ستتوقف بعد هنيهة في قعر الزقاق أمام البيت رقم 44 . هي أرجل تخينة عاشت أكثر من ثمانين سنة ولا زالت تتحرك لكن يبطئ اكبر كل ساعة .
 دون أن اراه اعرف خطآه و الخطيئة تسكنه و الألسن تلوكه و تلعنه بمجرد أن يطرق بابه كمطرقة و صوت سيدة عجوز قد كانت في الانتظار يرد بشبه حشرجة ويقول :
انتظر السي العربي ، انا قادمة ..
يرد العربي بصوت سكير آمر :
هيا افتحي يابنت .....، هيا بسرعة ااخذيني لانام .
اتذكر ايام زمان عندما كانت تمتنع عن فتح الباب وتعارض دخوله في حالة سكر كنا نسمع صراخها يتلو مباشرة فتحها للباب من جراء لكمة يباغتها بها على وجهها وتنهمر دموعها التي تستدر عطف كل الجيران ويختلط نحيبها مع بكاء أبنائها الذين يستفيقون في منتصف الليل مدعورين من صوت الجلبة ،
 الان بعدما بقيت معه وحدها وهي تبقى في الانتظار كل ليلة مرغمة حتى يحضر سيد المكان. تستحضر دوما دموع بناتها وصوت الحائط وهو يترنح من لكمات ابنها والذي كان منذ طفولته حتى شبابه في جدال مع أب عار فقد الوقار و أصبح أضحوكة على كل لسان . 
الابن من زمان هاجر لاسبانيا عبر مراكب الموت ومن غير رجعة، يكتفي فقط بالسؤال عن امه من خارج الوطن ، ويتقصى على مضض أحيانا منها الحقائق عن أحوال الاب المنسي من زمان داخل ماخور الإدمان.
 السي العربي اسمه الحقيقي ، كان انسان متزن يدفعك ان تكن له الاحترام ، لكنه تغير مع الزمن حتى لقبوه بالعربيد ، قصته حزينة ، لقد كان زمان شاب سعيد قد خال انه نال كل ما يريد ، فمسك القلم بيد من حديد وكان يتحكم و يتكلم دون أن يتلعثم امام الزواحف والحيتان ، فجأة نصبوا له مكيدة متقنة ، فاحالوه مجبرا للتقاعد المبكر ، حسب رايه كان دون مبرر ، حاول ان يقاوم في البداية لكن في الاخير انهزم واستسلم ، ومن يومها لم يعد هو العربي ، لقد سكنه الإدمان اخو الشيطان .

عبدالله صادقي
 المغرب

محمد علقم

ضمد جراحك .................. ضمـد جـراحــك وانهـض يـا فتى  وكـــن مستعـــدا للقـــاء الــــردى خيــــل الغــــزاة اليــــوم أقبلـــت تــريــ...