بقلمي جمال القاضي
نحن نعيش في عصر اضمحلت فيه الأخلاق، تبدل فيه كل شيء، صار الجميل قبيحاً، وصار الشرف يستهان به، وصار ذو خلق يوصف بشواذ زمانه والرجعية والتخلف في تفكيره، احتلت المخدرات عقول الشباب، واستوطنت الغريزة في كل اعضاءه، فصار أجسادهم تتحرك تحكمها عقول حيوانات تسكن في رؤوسهم وشهوات تسوقهم للرزيلة، راح كل منهم يعيش وقد نحى عقله جانبا ومنحه اجازة بلاعودة، فصارت المحارم فريسة تغتصب، وصارت الأعراض الشريفة تنتهك وكل انثى تراها العيون باتت مطمعا لكل مدمن دون تفريق لهويتها ودون ضمير ينهاه عن فعل الرزيلةبها، وبات كل شيء غريب غير ماكنا نتعوده وغير ماكنا نراه سابقا .
ربما اختلفت نظرة معظم الشباب لكثير من الأمور فاختفت معظم المبادئ وتبدلت بغيرها عن ماكانت عليه بالماضي، فهذه الانثى التي كنا نرى من يرافقها في طريقها حين يتأخر بها الوقت ليلاً وحين عودتها لمنزلها من شهامة لبعض الشباب او الرجال لتصل لمنزلها وهي تسير في مأمن بجانبه، دون تفكير منه لها بمكروه قد يصيبها، وهذه المرأة التي مات عنها زوجها، ابدا لم تشعر لحظة بفقدان هذا الزوج لأن كل رجال القرية صاروا مكانه في رعايتها وقضاء ماتحتاجه من امور منزلها، فقط كان الوقوف بجانبها لانهم سألوا انفسهم ووضعوا زوجاتهم يوما مكانها بتخيل موته عن زوجته، ورضى لهذه الأرملة المساعدة منه لها فقط لهذا التخيل، فهم جميعا في خدمتها، لان عائلها الذي فارق الحياة هو احد سكان قريتهم، فوجب عليهم الوقوف بجانبها ومساعدها كواجب عليهم تجاه هذه الأرملة وحق لها عندهم، فعاشت بين افراد اسرتها بكرامة لاتمس وشرف وعرض لا أحد يعطي لنفسه الحق في الاقتراب منه بغير حلال .
وهذه المطلقة والتي لم يكن لها حظ في ان تعيش حياتها الزوجية كغيرها من النساء ربما كان لعدم توافق بينها وبين زوجها فكان الطلاق فيما بينهما، لتفترق وتعيش منفردة لواحدة منهن بلا اولاد في منزل اهلها او لغيرها مع أولادها في بيت تركه الزوج لها لتعيش برفقة اولادها، ولم يتركها جيرانها او اهل قريتها بلارعاية لكنهم ظلوا دائما في السؤال عنها وقضاء حوائجها ومساعدتها دون المساس بشرفها .
ومع التطور السريع للتكنولوجيا المفسدة للعقول، ومع الانحلال الغير معلوم له نهاية، وتحت تأثير المخدرات وانتشارها انتشاراً شمل معظم الشباب بل وطال من هم ارازل العمر سيدات كانوا أو رجال، فتبدلت النظرات وفتحت الثغرات لتصبح الشهوات مداخلا سهلة يخترق منها الشيطان عقول الشباب ويحتل عقولهم ويصور لهم كل حرام بلذة حين اتيانه لاتقارن بحلال، وكل ممنوع عندهم له فتوى تبيح حرامه وتحرم حلاله، فكانت النظرة مختلفة
فهذه الأرملة، خيِل لهم الشيطان انها ومع فقدان زوجها انها تعاني من شدة الحرمان، فكان من خيال أحدهم انها تعاني من حرمان المال، فراح يُلقي في وجهها المال الكثير اذا وافقته على فعل الرزيلة، وهذا خُيل له انها تعاني من حرمان من يقف بجانبها لمساعدتها في ان تجد عملا شريفا لتذهب لصاحب مصنع او شركة او رجل اعمال أو ان تعمل خادمة في منزله، فظن جميع هؤلاء ان شرفها مستباحاً وسهلاً في مقابل المساعدة منهم أو من احدهم، دون النظر لأنها ارملة راحت تبحث عن عمل شريف لتصنع من أولادها وتنتج للمجتمع مهندساً او مدرساً او طبيباً او قاضياً او ضابطاً بلقمة حلال تطعم بها ابنائها او مال حلال تنفق منه عليهم وفي ظنها انها لم تتعرض لمن يهين كرامتها او يمس شرفها وعرضها كما كانت متعودة ذلك في الأمس .
وهذه المطلقة والتي راح تفكير معظم من حولها يخلق السناريوهات الكاذبة عن سبب طلاقها، فاتُهمت مرة بخيانة زوجها فكان سببا في نظهرم لطلاقها، أو كان سبب طلاقها عند غيره لأنها سليطة اللسان، او راح اتهام غير هذا وذاك موجها لها سرا انها لم تستطيع الانجاب وزوجها يرغب في الولد، وقصصاً كثيرةً تتهم فيها هذه المرأة المطلقة وكلها كاذبة ومكذوبة عليها دون اثبات يثب صحة وقوع احد هذه الأسباب في الواقع ليكون طلاقها، فكان خيال الشباب عنها وهم تحت تأثير المخدرات التي جعلت من كل امرأة تُرى انثى تعاني ومع الطلاق من شدة الحرمان الجسدي والمعنوي من الاهتمام والرعاية، فكان الشيطان من يسوق هذه العقول الخربة لاغتصاب المطلقة تحت حجة الحرمان ليصبح عرضها وشرفها في نظرهم هو مجرد عرضاً من الأعراض المستباحة .
ومن هذه الأعراض والتي صارت مستباحة ايضا هي اعراض المحارم، من ام وزوجة أخ بل وأخت وأخت الزوجة وزوجة العم وغيرهم من المحارم وتحت تأثير المخدرات صار انتهاكها شيء لاعيب فيه فكل النساء سواء في نظر المدمن فهو يراها مجرد انثى مستباحاً شرفها ولايحق لها ان تعارضه او تعترضه حين يفكر في ان يقضي ويفرغ شهوته الشيطانية دون الالتفات للعواقب او حرام وممنوع .
ولكن لنا عتاب على القوانين
كيف تكون اقصى عقوبة توقع على القاتل المدمن هي 7 سنوات وهي لذات الجريمة على الصحيح العاقل تصبح عقوبة الاعدام ؟ شيء غريب حقا هل كان الادمان مفروضا على القاتل المدمن من المجتمع ليخفف عن العقوبة ؟ كيف يعاقب الزاني المدمن بعقوبة اقل من عام وقد لايعاقب في معظم هذه الجرائم رغم وقوعها لأن الجريمة كانت تحت تأثير الادمان وتغلظ العقوبة لمن هو معاف وغير مدمن لبضع سنوات ؟
اننا لو اردنا الطريق الصحيح علينا ان نعاقب اولا كل من هذه الفئات والتي تشمل بداية من تاجر المخدرات ومن يروج لها إلى من يتناولها بعقوبات متساوية وبلاتفريق بين مدمن وغير مدمن لان الادمان كان منه اختياراً وبالرضا، ولانهم جميعا شركاء في القتل فتصبح عقوبة الاعدام للمدمن مثلها مثل من يتاجر بالمخدرات وكلاهما مثل عقوبة القاتل لانهم جميعا سينتهي بهم الامر لقتل روح بشرية او الى اغتصاب انثى شريفة او خطف اطفال بريئة، او غيرها من الجرائم البشرية، فلارأفة تكون لمدمن كما لارأفة كانت لصحيح بل يجب ان تكون العقوبة مغلظة لكل مدمن ليعيش من بقى صحيحا في هذا المجتمع ينعم بالسلام فيه قال تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}