ماللشِّفاهِ مَساءً نَالَهَا الصَّحَرُ
وأجْدبَتْ في رِياضٍ مَلَّهَا المَطَرُ
وما لِعينٍ جَفاها النَّومُ مُذ عَشِقَتْ
فلا تَنام بِليلٍ مَلَّهَا السَّهَرُ
وما لِأذْنٍ يُصِمُّ السَّمَعَ صاحِبُهَا
رَهيفةُ السَّمعِ لا ما هَزّها هَذَرُ
ما ذاقَها بَشَرٌ ما شَمَّهَا بَشَرٌ
لا لا تَجُودُ وإنْ يُحْكَى لها خَبَرُ
قَدْ حَارَ عَقلي بها والنَّفسُ حَائرةٌ
كُلُّ الجَمالِ بها ما أروعَ الصّورُ !
يَأتِيكَ مُنْدَلِعاً من حُسنِها فَرحٌ
ما إنْ تَرَى حُسْنَهَا هَاجَتْ بِكَ الفِكَرُ
بِيْضُ الوُجوهِ وما زَالتْ صَحَائِفُهُمْ
تُرْوَى بِطُهْرَيْنِ لا يَعْلوهما قَتَرُ
فِيْهَا عُيونٌ وأشْجَارٌ نَلَذُ بها
وحُوْرُ عِينٍ لَنَا و خَمرُها نَهَرُ
فَلَا تَغُرَّنَّكَ الدُّنيا وبهجتُها
واذْكُرْ أحبَّةَ أمْسٍ مَنْ بِها عَبِرُوا
قالتْ أنا عَسَلٌ والشَّهدُ في فِكَرِي
في عَتْمِ لَيْلٍ ضيا في لَيْلِكمْ بَصَرُ
قالتْ أَنَا لِأَريجِ الكونِ مَخْزَنُهُ
مَاساً مناراً ضياءً شَمْسُهُ قَمَرُ
قالتْ أنا غَزَلٌ والسِّحْرُ في لُغَتي
قَامتْ تَضُوعُ لنا من رِدْنِها ثَمَرُ
قالتْ أنا أَمَلٌ ياسيدي أَبَداً
منْ شَمَّ عِطْرِي ضُحىً ما نَالَهُ ضَجَرُ
قالتْ وقالتْ كثيراً وانْتَشَتْ فَرَحاً
شَهدٌ أنا دَائِمٌ زَهرٌ أنا سَحَرُ
لا تَكْتُمِي الودَّ في ماضٍ مَضَى شَغَفاً
كمْ قد سَهِرْتِ إلى أنْ عَافَكِ السَّهَرُ
إنْ كنتِ فينا جَمَالاً فارْحَمي وَلِهاً
نحنُ الأمانُ وأنتِ الماسُ والدُّرَرُ
قُومِي تَعَالي لِسعدٍ مابِه أَلمٌ
أَيامُنا في مَدَى أَيامِه ظَفَرُ
هلْ منْ سميرٍ لكمْ في روْضِ حُسْنِكُمُ ؟
ما يَنْفعُ الحُسْنُ إنْ قدْ عافَهُ السَّمَرُ
كمْ منْ جَمادٍ مَليحٍ صَاغهُ عَلَمٌ
فنّاً ومَاساً أَتَى لكنَّهُ حَجَرُ
ياسَامِرَ الّليلِ في حُسنينِ مُبتهلاً
رَبي هداكَ أَخي أَمْ ذلكَ البَشرُ
فَاجعلْ لَهُ سَاعةً في لَيْلِكُمْ سَمَراً
واهْنَئْ بروضِ الحَلاْ يا أيُّها البَشَرُ
لاتَنْسَ حَظَّكَ مِنْ حُسْنٍ الحياةِ فَما
مثلُ العُيونِ التّي في طَرْفِها حَوَرُ
بسيط .