بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠
زارني طيف والدي الراحل منذ ستة عقود معاتبا ٠٠
ألا تخجل يا بني و أنت تهدم البنيان و تشوه الجدران ؟!
و مضى في نوبة صائحا بأي قلبي دمرت البيت العتيق ، الذي كان صدى ذكريات جدك الأول ، ألم تشم رائحة الذين مضوا و قد تركوا بينكم ذكريات الطيبة و البركة ؟!٠
شيئا لم تساهم فيه قط كيف تتجرأ على تغيير ملامحه ؟!
فإذا كان لازاما يجب أن تشيده على طرازه الأول حيث تجعل فيه برندة كبيرة و مندرة تضم الضيوف و يأوي إليه الغريب من مكان بعيد ، و لا تنسلخ من الأصالة و الجذور فقد بدلت الهوية و الشخصية و التراث ، من أجل أن تزخرف الظاهر و تدمر الباطن ، تهتم بالشكل و تهجر المضمون لا أنت ابن القرية و لا أنت ابن المدينة!٠
حذفت أمجادنا و تقمصت بجمال مزيف لا ينطق بالحقيقة البتة ٠
لماذا كل هذا يا ولدي خريطة و مشجرة العائلة طمستها و أعلنت التمرد و العصيان ، و غير مفردات و أدوات الخطاب ، كل شيء هنا حزين لأنك اعتديت عليه و جردته من أبسط معانيه حتى المكان لم يسلم من روعة الأيام ٠
و فرطت في القيم الموروثة التي هي من سجايا الآباء و استخدمت طريقة لا تمت لنا بصلة و تبنيت مقولتك في أنانية " الدينار قبل الدار " و أهملت حق الجار في تلك الحياة الغريبة العجيبة ٠٠
تسمح لي أن لا أعود لك في أي واقع أو خيال و أتركك تقرر مصيرك مثل من فرط في حق الأوطان باع تاريخه من أجل اعتناق فكرة تهدم و لا تجمع الصف و تنشر العداوة و البغضاء ٠٠
حتى أمي لم تكف عن التوبيخ مرات في الصباح و المساء تردد بأعلى صوت يا خسارة لم يبقَ من ( منزلنا القديم ) إلا رائحة الراحلين و بقايا التراب ، و لحسن الحظ احتفظت معي بسخة المفتاح الوحيدة ، و الذي نال منه الصدأ ٠٠
ليتك لم تتنازل عن أصلك فهو العنوان ، فعلام الخوف و أنت الذي بدد الحلم و الآمال ؟!٠
ثم مكث وحيدا يبكي كالنساء على فقد أغلى الأشياء ٠٠!