بقلم صلاح الشتيوي
في غزة، لم يعد الموت فاجعة... بل صار أمنيّة. حين تذبل العيون الصغيرة من الجوع، وترتجف الأجساد الغضّة من البرد والخوف، يصبح الموت خيارًا أرحم من حياة تُفرَض فيها المجازر والحرمان على من لا يملكون سلاحًا ولا ذنبًا.
تخنق رائحة البارود الهواء، وتمتزج بأصوات بكاء الأمهات وصراخ الأطفال، وكأنّ الأرض نفسها تبكي من شدّة القسوة. في شوارع غزة، لا وجود لألعاب الطفولة، بل حجارة تُرمى، وبقايا منازل تهدمت فوق الأحلام، وطفولة مسحوقة تحت سنابك الانتقام.
الجوع... سلاح لا يُرى
الجوع ليس غيابًا للطعام فقط، بل هو سياسة ممنهجة، وأداة قمع خفية. حين يُمنع الغذاء، وتُغلق المعابر، وتُقصف الشاحنات الإغاثية، فإننا لا نتحدث عن حرب، بل عن تجويع شعب كامل لإخضاعه أو إبادته. الأطفال هناك لا يعرفون طعم الحليب، ولا دفء العشاء العائلي، بل يعرفون دموع الأمهات وحرقة الجوع قبل النوم.
الانتقام... حين يتحول الإنسان إلى وحش
أسوأ ما في الحروب أن يتحول الإنسان إلى وحشٍ يقتات على الألم، ويبرر جرائمه بحجج واهية. كيف لإنسان أن يقصف مستشفى أو يدفن أطفالًا أحياء تحت الأنقاض، ثم يخرج ليبرر فعله باسم "الأمن" أو "الردع"؟ لقد صار بعض البشر يمارسون الانتقام لا دفاعًا، بل لقتل ما تبقى من الروح في شعب صامد.
صمت العالم... عار لا يُغتفر
بينما يُقتل الأطفال وتُقطع المياه ويُدفن الناس أحياء، تكتفي القوى الكبرى ببيانات القلق، وتصريحات دبلوماسية باردة، وكأن غزة ليست على كوكب الأرض. أين الضمير الإنساني؟ أين العدالة الدولية؟ أم أنّ حياة الطفل الفلسطيني لا تساوي شيئًا في ميزان المصالح؟
حين يتمنى الطفل الموت...
عندما يقول طفل في غزة: "يا ليتني أموت كي أرتاح"، فإن العالم كله يجب أن يخجل. الطفولة التي وُجدت للضحك، تُذبح كل يوم على أعتاب الصمت والنفاق. هؤلاء الأطفال لا يحتاجون فقط إلى الغذاء، بل إلى سلام، إلى وطن، إلى حياة يستحقونها كما كل أطفال العالم.
فمن سينتصر؟ الإنسانية أم الوحشية؟ الحياة أم الموت؟
الجواب، للأسف، لا يزال معلقًا... فوق سماء غزة.