حرِّرْنا يَا قُدْس مِن الأسرِ
والأفكَارِ، والغَفْلة، والمَلذَّات
قَبل أنْ نَعمَلَ بِما جَاء فِي الإسْرَاء.
نَعلَمُ أنَّ الطَّرِيق إليكَ طَوِيل... طَويل؛
فثَمَّةَ فِي كَيَاننا مَا يَحتَلّنا فِكْراً وروحا:
ذلك الْجُزْء المَسؤُول عَن نِسْيَانكَ فِي نواصِينَا الكَاذِبة
أُجْزِم أنّهُ الفَتْوَى لِحَـ ـاخَـ ـامٍ كَبِير عَفَانَا عَنْك فَنَسينَاك...
وذاك الذي يُحدِّثنا عَنك دون أنْ نَفتَح لكَ تَلافِيف ألْبَابنا
ليْسَ إلاَّ مُتَطَـ رِّفَاً اسْتَوْطَنَنا عُقُوداً بصَلَواتِه الصَّامِتة،
وسُكوتنا –يا قدس– عَن وُقُوفك الخَاوِي،
كَمَنْ يُؤدِّي طقوس الحِدَاد علَى خَرابِ هَيْكل!
أَلَسْتُ – إذِنْ – مَنْ أُحْتِلَّ قَبْلكْ؟!
فِي داخِلِي يَهُـ ـودِيٌّ صَغِير
يَتَمَسَّح بِحـ ـائِط المَبْكَى، ويُرَتِّل التَّوْرَاة
عَلى قَبرِ "داووده" الذي حَفَروه فِي صَدرِي
دُونَ عِلْمِي...
قَلْبِي المُرتجفُ بي مُوقعٌ مِنِّي،
ومن "اهتزازٍ طقوسي" لصلاةٍ يُقِيمهَا كُلّ آَن؛
فحَرِّرنَا يَا قُدس مِنْ قُلُوبٍ تَحفَظ "الغُفَرَان" أعيَادَاً
وتَنْسَى مَواقِيت دَمْعكْ.
حَرِّرنا مِنَّا، والسَّبْت مِنْ إجَازَتِنا،
والفَجْر مِنْ نَوْمِنَا، وصَلاتنا مِنْ غِيَابِ المَسَاجِد.
حَرِّرنَا... فَفِي أعمَاقِنا يَختَبِئ حَارِس مِعبَدٍ،
يَبْنِي هَيْكل الخَرَاب فِي حُصَيْنِ الجَمَاجِم
ويَضَع الشَّمعدَان فِي كُلِّ غَفْلَة نُورٍ تَزورنا.
أَلَسْتُ – إذنْ – مَنْ أُحْتِلَّ قَبْلكْ؟
يَا قُدس، فِي لُغَتِي شَيءّ مِنْ التَّلمُود،
وَوَتَرٌ في نَشَيدِي مَشْدُود عَلى قَوْسِ كَاهِنْ،
فِي عَيْنِي نَجمَة تَطْلع باسْمِ دَاوُود،
وفَجرٌ يُؤذِّنُ بالديمقراديكتاورية دُونَ وَعي...
فَصَانِع الخَرَاب لَيْسَ وَحده فِينَا،
بَلْ إلَى جوَارِه جِنرَال أَنِيق،
يَكْتبُ لنا بَيَانَات الصَّلاة فِي مِحَارِيبنا النَّائِمَة،
وَيُعَلِّق علَى رِقَابنا نُسَخَاً زائِفَة لِمَفاتِيح أبوابك الضَّائِعة؛
فطَهِّرنِي يا قُدس مِنِّي...
مِنْ صَنَمِي الأكبر مِنِّي ظِلّه،
وَمْسْخِي الذي لا أرَاه.
وحِين ذاتَ حِين نَتَطَهَّرُ مِنَّا،
سَنَنْبَثِقُ مِنْ آياته الإسْرَاء فَاتِحَين
وَكُلَّنا عِبَاد لله.
اليمن