lundi 8 septembre 2025

"قارئ متهم"

في عالمٍ يبدأ من منتصفه وينتهي قبل بدايته، يبقى السؤال: هل نقرأ النص، أم يقرأنا؟
القارئ المتهم ليس من يقرأ فحسب، بل من يواجه عبثه، ويرى الحزن يحزن، ويبحث عن متعةٍ في اليأس وحياةٍ في مفارقة صغيرة.
فدع نفسك حرة، لتشهد الكلمات مرآة للروح، بين العبث والفهم، بين الفلسفة والفكاهة، بين الحزن والفرح.


قصيدة للشاعر والمهندس طاهر عرابي
دريسدن – 21.06.2024 | نُقّحت 08.09.2025

فرصتي كتابٌ مختلط،
صفحاتُه بالألوان:
بداية بعد الوسط، نهاية قبل البداية.
المقدمة: أنا بقميص رمادي مكوي، وقبته بيضاء.

أعرف أني لن أفهم الرواية،
وسأكون أول متهم يتّهم نفسه بالبراءة.

أتخبّط في بحر السطور، حرّ المدارك،
نمرود الكلمات، ممزّق البحور،
مستسلِم للعبثية، مؤمن باللاشيء.

أن تنظر وتتابع السطور، وتفكر في اللاشيء.

سأدرس “اليأس الممتع”، و”السهل الممتنع”،
و”بهجة القارئ المتمتّع”،
وأراقب متى يندمج الممتع بنفسه
في أعماق الحبكة: هل يتقيد بالخيط الأحمر، أم يلونه بمحبرة خضراء؟

رؤوس أقلامي محدبة،
رهانٌ على هشاشة الفكرة وطيش الأمنيات.
أُزوّج الأفعى من الأرنب، أعانقها،
وأضع الأرنب على عرش الثعلب،
أرسل الثعلب ليحضر المحرر.
أطلّ من شرفة على عقلٍ يتدرّب على الحياء بلا كلل.

ثورتي: اكتشاف ما بعد نفسي،
وترتيب الحواس في قفص الاتهام.

أنا المالك الوحيد لكتابٍ
نهاياته لا يقرأها إلا “المصير المعذب”.
أحمله خطوة إلى الوراء
لأدرك لذّة اختلاط الكلمات بالأهداف.

لا أخشى الرقابة،
ولا عناوين العلاقات الميؤوسة.
الخسارة أن تخسر حلمك،
وتتجوّل بين أحلام الآخرين لقيطًا، متسوّلًا.

حتى الاتهام هدية: اعتراف بوجودك.
لا تيأس.
خلف القضبان تُكتشف الذات،
وفي قفص المعرفة المعلّق بالحياة
تقرأ أنك… أنت، لست منهم.

هل رأيت أسخف من بقعة ضوء؟
لا تعرف إن كانت للمصباح، القمر،
أم للطريق، أم لعيون الناظرين.
تولد وتتلاشى، ولا تتفاعل مع الهواء.

أنت لست بقعة ضوء، ولا زيت مصباح،
بل شيء آخر تمتلكه، حرصًا على دوران الأرض وهي تحملك.
لن تكون حرّ الإرادة إن لم تكن منبعًا بنفسك.
تعددت المنابع، ولك اختيار الإرادة.
لم يحدث أن حثّ النهرُ أسماكه على الزاد،
أو حذرهم من الطيور والدببة.
كل موجود له وجود… وعليهم انتظار الأمل.

اخرج كما دخلت،
وادخل موقعًا آخر،
تستقبل فيه المشاعر بالوجود.
أنت وحدك مؤلّف القصة:
لن تُكتب للمديح، ولا للفهم،
اكتبها ولو لم يقرأها أحد سواك.

قصتي: الحزن كان حزينًا.

زحف على رأسه،
معلّقًا بأذنين مثقوبتين،
حلقاته تطقطق على نار تستعجل مقتَه.

أنا الشاهد على الرماد:
كيف يحزن الحزن على نفسه؟
وحين يحزن، هل نكون سعداء؟
إن غاب، ماذا يبقى؟
لم نجرّب الفراغ الذي يتركه الحزن فينا.

حسّ مفقود،
نضيفه بين السمع واللمس،
ونخرج لنتحسّس الزنبق.

فجأة أفاق الحزن مرتجفًا،
جلس عليلًا يواسي جراحه،
بلعاب صمغيّ على شفتيه،
يتحجّر كحجارة موقد مهجور،
يتنفّس من أطراف قدميه تحت لحاف الصمت.

ضحكتُ، فركت وجهي طربًا:
الحزن حزين… فليعلم كم قسا.
علّه يخجل، ويتركنا لنكتشف وجود البهجة.
حتى العنكبوت تعثر بخيوطه،
ظنّ الفراشة وقعت، لكنها ضحكت وهربت.

التهم خيوطه فتحرّر.
الحزن حزين اليوم،
فلا جدوى من دعوته،
ستتألّم بفرح.

ضحك العنكبوت، بصوت احتكاك حجرين قاسيين:
كذّاب! كيف يحزن الحزن على نفسه؟ ولماذا؟
اطمئن… لن يطول حزنه، وإلا هلك من الجوع.

وصارت الخيوط من فرط قهرها الأزلي تجتمع في رقصة لا تعرفها من قبل،
فهمت الفراشة وقالت:
“جمع الخيوط،
انتهى عصر الشباك،
لنبني بيتًا من القش،
فللبهجة جدران لا تطولها الأحزان.”

طاهر عرابي – دريسدن

الشاعر : محمد پاکژ

بموتي أنا عندما تغيبين تفقد معك كل جميلة شكلها الجميل كأن تقول تصبح السماء مغرزاً  وتثقب قلب الارض ثقبا ثقبا عندما تغيبين لا يبقى اثر قدمي خ...