خُذْ مِنَ الأيَّامِ دُسْتورَ البَقَاءْ
واحْفَظِ الوَصْفَ كَأَسْرَارِ السَّمَاءْ
لا تَدَعْ كَلْباً يَشُمُّ الخَوْفَ فيكْ
أَوْ يَرَى الرَّعْشَةَ في قَبْضَةِ يَديكْ
إنْ أحسَّ الضعفَ، أو ذاكَ الوَجَلْ
صِرْتَ صَيْداً قَدْ أُبِيحَ لَهُ وحَلّْ
سَوْفَ يُنْهِيكَ بِنَابٍ لا يَرِوقّْ
تِلْكَ غَابَاتٌ، وَذَا شَرْعٌ له أحَقّْ
وَكَذَا الإِنْسَانُ، فَاحْذَرْ مِنْهُ أَكْثَرْ
فَهْوَ في قَهْرِ الضَّعِيفِ لَيْثٌ أَشْطَرْ
لا تَدَعْهُ أَبَداً يَشُمُّ حَاجَتَكْ
أَوْ يَرَى فِي العَيْنِ دَمْعاً، أو شَكَاتَكْ
إنْ رَأَى الاحتياجَ مِنكَ قَدْ ظَهَرْ
سَوْفَ يَرْمِيكَ بِسَهْمٍ مِنْ صَخَرْ
"عَضُّهُ" غَدْرٌ، وَمَنٌّ، وَازْدِرَاءْ
وَهُوَ يَشْفِي غِلَّهُ بِالأَشْقِيَاءْ
وَثَالِثَةُ الوَصَايَا: صُنْ سُرُورَكْ
وَلا تُظْهِرْ لِكُلِّ النَّاسِ نُورَكْ
فَكَمْ مِنْ قَلْبِ إِنْسَانٍ مَرِيضٍ
يَرَى أَفْرَاحَكَ فَيَزْدَادُ حِقْدُهْ
وَكَمْ مِنْ نَاظِرٍ بِالعَيْنِ يَحْسُدْ
يَرَى نِعْمَتَكَ، فَيَشْتَدُّ كَيْدُهْ
فَدَارِ عَلَى شُمُوعِكَ كَيْ تُضِيءَ
فَإِظْهَارُ السّعَادَةِ قَدْ يَبِيدُهْ
فَالكِلابُ تَنْهَشُ اللَّحْمَ المكَشُوفَ
والأَنَامُ تَنْهَشُ القَلْبَ المَلْهُوفَ
ذَاكَ يُدْمِي الجِسْمَ إِنْ هُوَ عَضَّهُ
وَهَذَا يَقْتُلُ الرُّوحَ وَنَبْضَهُ
كِلْتَا العَضَّتَيْنِ تَأْتِي مِنْ ضُعُفْ
حِينَ تُرْخِي لَهُمَا حَبْلَ الخُوفْ
فَاكْتُمِ الأَمْرَ وَكُنْ صُلْباً عَنِيدَا
لا تُبَيِّنْ حَاجَةً، وَاعْشَقْ بَعِيدَا
اجْعَلِ الكِتْمَانَ دِرْعاً مِنْ حَدِيدْ
فَالشُّمُوخُ الحُرُّ لا يُشْترَى، سَيِّدِي
مَنْ يَرَى قُوَّتَكَ، يَهَابُ الاقْتِرَابْ
مَنْ يَرَى ضَعْفَكَ، يُكَشِّرُ كُلَّ نَابْ
هَكَذَا الدُّنْيَا، فَكُنْ فِيهَا الأَقَلّْ
شَكْوَةً، تَسْلَمْ وَتَقْهَرْ كُلَّ عِلَلْ.