في ركن من أركان بيت واسع وفوق طاولة فاخرة من الطراز العتيق ،وقف حامل الشموع مزهواً يحمل شمعة مشتعلة لتُنير المكان وتُضيف سحراً آخر لتلك الغرفة إلى جانب اللوحات الفنية المعلقة والشراشف المطرزة الجميلة وباقات الورد الندية التي تزين المكان..
كان صاحب المنزل يحضر شتى أنواع المؤكلات والمشروبات على الطاولة، منتظراً قدوم ضيوفه..فقد حل المساء وموعد السمر على ضوء الشموع قد بدأ..كانوا يضحكون ويقهقهون في سعادة و الشمعة تؤذي مهمتها بكل تفانٍ وتضحية...كان الجميع مستمتعاً بنورها المتوهج الفتان... الإ أنه لم ينتبه أحد إلى النار وهي تأكلها من رأسها حتى أخمص قدميها، والدموع تركض واحدة تلو الأخرى بدون توقف، كانت الشمعة تحترق لتضيئ عتمة الآخرين الذين إنشغلوا في متعتهم غير آبهين لما تكابده في سبيل جعلهم سعداء.
لاحظ صاحب البيت أن الشمعة شارفت على الإنتهاء وإنكبت على نفسها معلنة الرحيل...إقترب وحمل ماتبقى منها و ألقى به في سلة النفايات بلا شكر أو تقدير.
غرس شمعة جديدة مكانها في حامل الشموع لتبدأ مهمتها هي الأخرى وتسير على نهج الأولى، وعاد ليكمل سهرته دون إكتراث.
حورية قاسمي بنعمرو