mercredi 23 octobre 2024

أسير نفسي 
الجزء الثالث :
 الخلق 
هل تتذكرون ، لمٌا قلت لكم، في الجزء السابق قد تجليت أمام الشموع و اطلقت ذهني إلى ماهو باطني في نفسي. تخيلت كأن كل القرية اكتسحها الطاعون لا أحد يعالج نفسه قبل فوات الأوان... و افتعلت مئة رواية و لكل رواية عنوان، فَنَاء الإنسان. الآن قِوَى الظلام والضوء لا خِيار لها، وكيفية تكوين صداقات والعمل معا لمنع انتشار قُوَى الشر. و مع ذلك يومي لا يكتمل و يجب أن أبحث عن ملهى جديد لأملأ فراغي المقيت اللذيذ. السنة ستطول... التمس التسلية و التلهية عند نفسي وحدها فاستجابت لي ذاكرة قوية... وسٌعت نطاق استطلاعي و اخذت أسجل تأملاتي لحظة بلحظة و بدأت أسائل السبعين سنة من حياتي فتحولت إلى مؤرخ. و حرصت على أن أجعل منها مهمة تشغلني ليلا نهارًا كامل هذه السنة. ما شجعني على إنجاز مكتوب الذي سأعرضه عليكم الآن. 
"العم خميس كرمته الجزائر لمشاركته في ثورة التحرير. و اخيه محمد كان عميل استخبارات ضد المستعمر. و المناضل محمد رشيد كان أيقونة استقلال البلد. و إمام القرية سابقا كان معارضًا. و الأم فاطمة كانت قبلة المعززين. و الخالة نجيبة علمت البنات و النساء الأمٌيات القراءة و فن الخياطة. و أمريكا جربت اقراص منع الحمل على القاصرات... و كانت بعض الزيجات تعشق غير ازواجهن و كذلك الرجال. و في شهر رمضان يقص عمي الصادق ألف ليلة و ليلة على الصائمين. و نوادي السلامية الروحية انتشرت في البلاد. و دراسة الدين تتقاسمها الزاوية الصوفية و كتاتيب المؤدبين. و الكشافة تبث ثقافة الدفاع عن الوطن... و النسوة تجتمع سرا في جمعيات لحماية الأخلاق. و كانت بعض النساء الثريات يسرقن بعض ما تنتجه حقولهن بغية تحررهن من شح بعولهن. و عملية الاستحواذ عن حقيبة من الدنانير. و السيد مبارك، مجنون القرية الحكيم، ضيع عقله من جراءِ عشق مستوطنة أجنبية شقراء. و كانت الرجال تقتل من أجل شرف العائلة."
أمليت مئة وجه من ناس قريتي و لم انتهي من ذكرها و في كل وجه أجد شيء مني. اكتشفت انني صورة مصغرة لتلك الوجوه. 
و تيقنت من أثناء فصل أَجزاءِ الذكريات بعْضِها عنْ بَعْضٍ، أن قلب العاشق في غَدَواته ورَوْحاته ، في ذهابه وإيابه يعود دائما الي أصله و بيته. 
يتبع 
بقلمي عبد الفتاح الطياري 
مرسيليا فرنسا

نور الإيمان سَبِيلُ اللهِ نُورُ الْعَابِدِينَا وَدَرْبُ الحَقِّ يَهْدِي التَّائِبِينَا وَكُلُّ النَّاسِ يَسْعَوْنَ انْتِظَارًا لِرَحْمَتِهِ ...