لغتنا العظيمة لها ألفاظ وألفاظ معاني والمعنى الحقيقي، وكل واحد من هؤلاء يلعب دورا مهما في اللغة، فنجد متكلميها ليس على درجة وعيها، أو حذاقتها؛ فنرى من يجيد اللغة العربية هو الانسان الدارس البليغ واخر يقول الشعر البليغ ولكنه لا يستطيع إن يتكلم ببلاغة اللغة وهو جاهل لا يعلم منها سوى ألفاظها ومعانيها .
ألفاظ اللغة العربية تنقسم إلى قسمين قسم ألفاظ فصيحة والقسم الأخر فصيحة بليغة والقسم الأول هو ما كان اللفظ يحمل معنى واحد، حتى اذا دخل على الجملة البليغة اسقطها من مكانتها ، ما القسم الثاني هو ما كان اللفظ يحمل عدة معاني ، حتى دخل على الجملة البليغة زاد رونقها وزاد معناها .
ومن الالفاظ التي كانت فصيحة ( مغص ، قدام ، حيص بيص ، شاف ، ....) ومن الالفاظ التي كانت فصيحة بليغة ( هدى ، صلاة ، زواج ، مكر ، ...) وهذا ما يمثل اللغة العربية من القسمين .
قرأنا إن قريشا كانت تهذب الألفاظ وتصقلها وترونقها وتعرب ما كان أعجميا ( وهذا الأخير فيه فصل كبير وكلام لا يمل ) وهذا شأن قريش ولم نجد دراسة واحدة تفضلت به جامعة او عالما تكلم عم كانت تفعله قريش في تلك الفترة ، وهذا العمل العظيم له خبايا من اللغة اذا فهمناها من الوجه الصحيح ستقوم لدينا اللغة وتصبح دراستها اسهل وعلم البلاغة سيفتح ابوابه أمام الشعراء والأدباء ولمن أراد ان يفهم معنى أسرار العربية المجيدة .
لغتنا ليست كسائر اللغات حتى اذا فهمنا المرفوع فهمنا إنه المبتدأ واذا كان فعلا كان مضارعا واذا كان منصوبا وهو اسم فهو مفعولا به؛ هذا ليس شأن اللغة وإنما هذا من فتح بابها واستحى أن يدخل فيها ؛ إنما شأنها من درس اللفظ والمعنى ومن حرك اللفظ ورأى المعنى الذي يسكنه ، وهذه الدراسات تحتاج لمن احب العربية بشغف اسرارها ولا تحتاج لعالم يريد ان يتميز عن غيره بالمعرفة فهو بالاصل ليس عالما بل هو من حفظ اللغة عن ظهر قلب وهذا هو العدو الحقيقي للأسرار التي تكمنها اللغة .
وفي الأخير اتمنى أن نكون جسدا واضلعه في فهم أسرار اللغة فلا احدنا يبخس حق أخيه ولا يبخل عنه ما هو رافعه غدا .