اللوحـة الأصلـية توجـد بمتحـف ”سولومون غاغينهايم“ بنيويورك - الولايات المتحـدة الأمريكية
اللوحـة ليست مجـرد صورة، فهي تحمـل الكثير مـن الحقـائق العلـمية عـن الظواهـر الكـونيـة الغـامضة
في هـذا المنجـز الفـني يقـتصر كاندينسكي على شكل واحـد فقط مـن ثنـائي الأبعــاد
[ الدائـرة ] بصورتهـا الكـونيـة، تجمـع بين مركزيتهـا وغـرابـة أطوارهـا في ذات الشكل الواحـد
فهي تمثّـل :
*الشمـس / مركـز الكـون
*القمـر / نجـم في أديـم السمـاء
*الأرض / دورة الحيـاة
يستحضر كاندنسكي ظاهـرة فـيزيـائية فـلكـية تعـبر عـن حـركة الأكـوان المتعـددة..
كمـا نلاحـظ، درب التبـانة (في شكل قرص ضخم) تحـيط بهـا هالات ومجمـوعة مـن المجـرات القـزمـة التـابعـة لهـا، بفعـل قـوى المـد والتعـرية النـاتجـة عـن ضغـط الدفـع / سـابحـة في سـواد المحـيط الكـوني الشاسـع
(أي الكـون في حـالة توسـع وتمـدد) وفقـا لقـوانين الجـاذبية
(الأسـود) هنـا ليس لونـا، بـل مجـرد غيـاب الضوء المـرئي في جمـيع أنحـاء الكـون مـن النجـوم والمجـرات
الأسـاس في هـذا الكـون // هو الظـلام
(والنهـار حـالة خـاصة)
الخلفـية المعتمـة توحـي لهذا العمـل الفـني بالفضـاء اللامتنـاهي للكـون...
كاندينسكي أجـاد ٱستخـدام (الضـوء) النـاتج مـن النجـوم أثنـاء اقترابهـا للمجـرات، والتي تسـمى بظـاهـرة [ الإنزياح الأزرق ] ليوصل للمشـاهد إحساسا بالهـدوء والسـلام، ويبعـث الأمـل والإلهـام في النفـس.
خصائص اللوحـة :
من أبـرز سمـاتهـا، وجـود [ ثقـوب سـوداء ] في مركـز المجـرات، وحـولهـا دوامـة تشـبه الإعصـار
اللوحـة تفـرض نفـسهـا على أذهـاننـا، تجعـلنـا نتساءل, كيف أن قـوى الكـون يمكن أن تُنتِـج هـذا الكائـن الغـامض ؟
أكـد الباحـثون أن [ الثقـوب السـوداء ] لهـا قـوة جـاذبية شديـدة، تقـوم بعمـلية ابتـلاع كل نجــم شـارد يـدور مخـلّفـا وراءه بيئـة فوضوية، أي كل مـا يقـع تحـت مجـالهـا مـن (غبـار ونيـازك وكـواكب وغـيرهـا ...)
كلها تُشكّل "غـذاء" لهذه الثقـوب السـوداء الهائلـة، لتقـوم بتنظيف الكـون، وتسـاهم في الحفـاظ على تـوازنـه. سبحان الله
على الرغـم مـن أنهـا مثيـرة للمخـاوف، ووُصفـت دائمـا بكونهـا وحـوشـا مدمـرة تتملكهـا رغـبة عـارمـة في ٱلتهـام أي شيء يجـرؤ على الإقـتراب منها.
هذه اللوحـة تتضمـن عـدداً مـن الحقـائق العلـمية التي تتجـلى أمـامنـا ..
وهذه الحقـائق أشـار إليها القـرآن، بقـوله تعـالى :
(وَالنَّجْـمُ إِذَا هَـوَى) "هـوى" بمعنى سقـط وهـوى بٱتجـاه جسـم آخـر.
|| الدلالـة العلـمية للثقـوب السـوداء ||
هي (مقـابر كـونية) تكنـس وتنظـف الكـون بسبب جـاذبيتهـا الفـائقـة التي لا تسمـح للضـوء بمغـادرتهـا.
كلما اكتشـف العِلـم حقـيقة كـونية، رأينـا إشـارة بَيِّنـة لهـا في القـرآن الكـريم.
وهـذا يـدل على أنـه لا تنـاقض بين العِلـم والقـرآن
فالقـرآن فيه تِبيـان لكل شـيء (وَنَزَّلْنَـا عَلَيْكَ الكِتَـابَ تِبْيَـانـاً لِكُلِّ شَـيْءٍ وَهُـدًى وَرَحْمًـةً وَبُشْـرَى لِلْمُسْلِـمِين) [ النحل:89 ]
والله سبحـانه أشـار إلى ذلك في بـداية القـرآن في سورة الفـاتحة (بِسْـمِ اللهِ الرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِـيمِ, ٱلْحَـمْدُ لِِلهِ رَبِّ العَـٰلَمِينَ) هذه الآيـة الكريمة (ٱلْحَمْـدُ للهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ) تحـوي إشـارة لحقـيقة الأكـوان المتعـددة، أو العـوالم المتعـددة، مـن خـلال كلمـة (العَـٰلَمِينَ) والتي هي جمـع (عـالَم)
وبالتـالي، فإن مـا يقـترحـه العلـمـاء اليـوم، ومـا يحاولون استكشافـه، قد نبّـأ عنه القـرآن العـظيـم. فسبحان الله
خـتـامـا
كاندينسكي قـدم لنـا مـن خـلال لوحـته الفـنية، نظـرية علـمـية عـن الظواهـر الكـونيـة الغـامضة، وأجـاد ٱستخـدامـه المتكرر والاستحواذي للـدائرة، ليس شكـلا ولا خصائصهـا الهندسـية، بـل إحـسـاسه بطاقتهـا الداخـلية وتنويعـاتهـا التي لا حـصر لهـا...
فهو لـم يكن مجـرد رسـامـا، بل في الحقيقـة صاحـب رؤيـة ورسالـة في الفـن، وكان صاحـب روح ريـاديّـة..
وعلى الرغـم مـن كـونه فنـانـا على درجـة مـن الأهمـية، إلا أن أعمـالـه لم تتلـقَّ قبـولا سريعـا، لكن بعـد الحـرب العـالمـية الثـانيـة، أخـذ بعض النقـاد بتقـدير أعمـاله وتثمـينهـا، حتى بـدأت تظهـر وبقـوة في الوسط الفـني في بريطانيا، بعـد أن قـام صديقـه المـؤرخ المـوسيقي "مايكل سادلر" بتسليط الضـوء عليه، ممـا ساعـده لدخـول العـديد مـن المعـارض الفـنية المهمـة، وبِيعـت أعمـالـه الفــنية بشكل أسـرع، ومـا زالت إلى يـومنـا هـذا تبـاع وتشتـرى في أهـم المـزادات العـالميـة.