إن جذر الانسان الصرفي جاء من الأنس أو من النسيان .
والأنس هو محتفظ بحقه للمؤمنين دون سواهم؛ ومعنى الأنس هي المؤانسة وهي الطمأنينة.
وهذان اللفظان لا يمكن أن يشترك بهما غير المؤمن قال تعالى ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ولا يمكن أن تكون المؤانسة من دون أطمئنان.
أما النسيان فهو ينقسم إلى قسمين:
الأول: النسيان المحمود وهذا ما يسمى أيضا نعمة النسيان ؛ وهو يأتي من كثرة هموم الشخص فيبدأ بالنسيان أو بكثرة نظم المعلومات من المحيط الخارجي، أو يأتي من الأستغفار الذي يذكره الإنسان فيبدأ العقل بمسح المعلومات الغير مفيدة وغيرها من الأسباب التي تجعل الإنسان ينسى الأمور العالقة بالذاكرة وهي مضرة من الناحية النفسية في بقائها.
إن من مهام الإنسان السوي أن يعيد نشاط الذاكرة ويستحدث الأمور المفيدة ؛ فمن الأمور التي تعيد نشاط الذاكرة هي الإستغفار ، التسبيح ، الحمدلله، الشكر لله، الصلاة على النبي ، التفكر بملكوت الله. هؤلاء التسبيحات هن من ينشط الذاكرة ويهيء أمرها للأستقبال ويمحو كل ما علق من أمور غير مستحقة ، أو مصيبة عظيمة مهولة كموت عزيز ، فهذه تبقى عالقة لفترة طويلة ولابد من ترك ذاكرتها لأن بقاءها سيسبب الحالة النفسية السيئة، فيلتف صاحبها عليها بالإستغفار والحمدلله .... حتى تقتلع من الذاكرة بفترة قصيرة .
وتنظيف الذاكرة أمر واجب على كل مسلم ؛ لأن الأمور السيئة تشغله عن العبادات ، وذكر الله أكبر ، فنجد بقاء تلك العوالق تخرج إليه بذكرها بين فترات راحته أو أنشغاله بواجبات مهمة ولابد من القيام بها مثل العبادات بجميع صنوفها وأركانها؛ فتخرج على شكل ترددات وترديدات لا فائدة منها ولا طائل من مسؤوليتها، فقط لتأخذ شأنها وتعطي أهميتها في الذاكرة ، والعقل البشري سيقوم بحفظها على شكل تراكمي لأنه لا يخزن اللغو في الحافظات إلا لفترات قصيرة المدى او فترات وجيزة ومن ثم يلحقها بالتراكمي وهنا تسبب له الصداع بين فترة وأخرى ، فهي تلعب الدور الخبيث مع نبش الذاكرة في أمور مخفية أو أخفاءها حقيقي لا تظهر لعين العقل كي يراها او يسمعها مثل أمر العقيدة أو أمر عالم الذر أو عالم الشهادة لخلق أدم عليه السلام وأشهد الله النفس على ذلك والإعتراف بالربوبية أو ألوهية الرب بذلك وغيرها من الأمور التي ذكرها الله سبحانه في كتابه الكريم. أو تنبش من طريق ثاني طريق الضلال كونها تراكمي فتبدأ تحدث النفس بالزنى والسحر وعظمته والألحاد واطلاقه و.... هنا سيشتد الألم بل ربما يفقد الإنسان وعيه أو الإستسلام للتراكمي وللهلوسة والسيطرة على الخزين في الذاكرة . سينتج الشخص أمورا عكسية او خليط ما بين الصالح والطالح { وجب ذكر الأمر الشائع في أيامنا هذه بين حرية المرأة وسفاهة الحرية } أو يخرج الفن بوقوع الضحية واستدراجها الى المحاكمات وبمعنى آخر طرق الضلال وهلم جرا.
وقد ذكر لنا الله سبحانه ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ليس القلب في الفؤاد وأن أحسست بالراحة هناك ولكن القلوب التي في الصدور هي العقول الأربعة ( العقل المفكر و العقل الحافظ والعقل المذكر والعقل الماسح ) لكل إنسان له ثمانية عقول شئت أم ابيت عقل في الجهة اليمنى من عصب العين وعقل في الجهة اليسرى من عصب العين قال تعالى ( ألم نهده النجدين ) ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) قدره بقدر حبة العدس الصغيرة تحمل تلك البقعة السوداء أربعة عقول في جوفها لو أردت قلعها من عصب العين ستحتاج لمعدات دقيقة لا يمكن ان تفصلها حتى تقطعها عشوائيا ولربما سيأتي ذلك اليوم ويفتح أحدهم حبة العدس ولكن .... لنتركها للمستقبل.
وفي الحقلة القادمة سنحدثكم عن النسيان السيء .