--------------------
1
أنا لستُ شاعراً،
أنا ثقبٌ أسودُ صغير
ينزفُ من بين أصابع الريح،
أكتبُ بجثةِ نملة،
وأوقّعُ كلّ قصيدةٍ
بكسرٍ آخر في جمجمتي.
2
معك
أرتدي ضحكتي كقناعِ غرقي،
أرقصُ وأبتلعُ مياه دموعي المالحة.
معك
لا نتبادلُ أخبارنا،
بل نفتحُ أفواهنا
لتسقطَ منها طيورٌ ميتة.
بدونك
أبني فوق رأسي مقبرةً صغيرة،
وأحشوها بضحكاتٍ مخنوقة.
بدونك
أنادي
كلَّ المارّة بأسماء لا تخصهم:
يا ريحاً مقطوعة الأصابع،
يا رصيفاً مبقوراً بقذيفةِ حرب،
يا ظلاً يعضُّ ذيله،
ولا يلتفتُ إليَّ إلا الغبار.
بدونك
أنادي الغائبين بأسماء تقطرُ ألماً:
يا شقاً في جدار،
يا جثةَ ليلٍ مفقوءةٍ عيونه،
فيصفعني العدم بابتسامةٍ ساخرة
تخرجُ من يدٍ خشبيةٍ للصمت.
بدونك
أخاطبُ نفسي بلغة التعب
يا حيرة
يا ندم
يا فناء
لا يردُّ إلا صريرَ الريح.
3
ما من شيءٍ أنتظره الآن،
حتى الموت صار متأخراً.
بكيتُ حتى تحلَّلت ذاكرتي،
زرعتُها على بياضِ رُكبتِك،
فنبتت منها شظايا أحلامٍ ميتة.
4
اهربْ إلى ساحةٍ بلا سماء،
يا "أنا"،
اختبئ تحت شجرةٍ حديدية،
حيث الإلهُ يُربّي الغرباء في حضنه،
لكنه لا يعرفُ أسماءنا.
5
صدقيني، في النهاية،
وحيدٌ أنا،
حتى وأنتِ تلمسين أصابعي،
لا أسمعُ إلا صريرَ الأقفال في عظامي.
كلُّ حبٍّ عبرك
جثّةٌ تزينينها بالكحل.
لم يبقَ منكِ سوى
عظامٌ تغرغرها الريح...
وأنا جثةُ صلاةٍ نسيها الإلهُ
على حافةِ العالم،
مجردُ ظلٍّ يأكلُ نفسه
كي لا يُضيء.