إطلالة
ل عبادي عبد الباقي
أولا :-
الإيثار من أفضل مكارم الأخلاق :-
الإيثار هو مذهب أخلاقي يرى أفراده أن لديهم التزاماً أخلاقياً لمساعدة الآخرين أو خدمتهم أو نفعهم .
اللهم أجعلنا منهم اللهم أمين يارب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا :-
معنى الإيثار:-
اصطلاحا : -
أن يقدم غيره على نفسه في النفع له، والدفع عنه، وهو النهاية في الأخوة .
أي :-
تفضيل المرء غيره على نفسه .
قال لي شيخي الإيثار يا ولدي :-
هو فضيلة للنفس بها يكف الإنسان عن بعض حاجاته التي تخصه حتى يبذله لمن يستحقه .
ثالثا :-
علم النفس والإيثار :-
مذهب يرمي إلى تفضيل خير الآخرين على الخير الشخصي ، وعكسه الأثرة .
الأثرة :-
هي تقديم مصلحته علي مصلحة غيره .
رابعا :-
الإيثار في الإسلام :-
هو تفضيل الغير عن النفس ، وتقديم مصلحتهم على المصلحة الذاتية ، وهو أعلى درجات السخاء وأكمل أنواع الجود ومنزلة عظيمة من منازل العطاء .
خامسا :-
الإيثار والرسول :-
الإيثار أن يؤثر غيره بالشيء مع حاجته إليه، وعكسه الأثرة
وهي : -
استئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار:-
« إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. »
والأنصار هم الذين نزل فيهم قول الله سبحانه وتعالى:-
"وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"
[الحشر:٩] .
سادسا :-
الكرم والإيثار :-
الكرم :-
ضد اللؤم ،
معنى اللؤم :-
عمل من أعمال الانتقاد وتحميل الآخرين المسؤولية وإصدار بيانات سلبية حول فرد أو مجموعة تكون تصرفاتهم غير مسؤولة اجتماعيا أو أخلاقيا ، وهو عكس الثناء .
عندما يكون شخص ما مسؤولا أخلاقيا عن فعل شيء ما خطأ فإن هذا الفعل يستحق اللوم .
قال لي شيخي يا ولدي :-
الكرم :-
هو يطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء و الإنفاق .
الإيثار :-
هو أن يؤثر المرء غيره بالشيء مع حاجته هو إليه .
سابعا :-
أنواع الإيثار :-
أولها :-
هو الممنوع : -
وهو أن تؤثر غيرك بما يجب عليك شرعا ، فإنه لا يجوز أن تقدم غيرك فيما يجب عليك شرعا ، فالإيثار في الواجبات الشرعية حرام ، ولا يحل لأنه يستلزم إسقاط الواجب عليك .
ثانيها : -
هو المكروه أو المباح :-
فهو الإيثار في الأمور المستحبة ، وقد كرهه بعض أهل العلم ، و أباحه بعضهم ، لكن تركه أولى لا شك إلا لمصلحة .
ثالثها :-
هو المباح : -
وهذا المباح قد يكون مستحبا ، وذلك أن تؤثر غيرك في أمر غير تعبدي؛ أي تؤثر غيرك وتقدمه على نفسك في أمر غير تعبدي .
ثامنا :-
شروط الإيثار :-
١- ألا يضيع على المؤثر وقته .
٢- ألا يتسبب في إفساد حاله .
. ٣- ألا يكون سببا في سد طريق خير على المؤثر .
٤- ألا يمنع للمؤثر واردا .
تاسعا :-
عوامل تعين على الإيثار : -
١- الرغبة في مكارم الأخلاق ، والتنزه عن سيئها ، إذ بحسب رغبة الإنسان في مكارم الأخلاق يكون إيثاره ؛ لأن الإيثار أفضل مكارم الأخلاق .
٢- بغض الشح ، فمن أبغض الشح علم ألا خلاص له منه إلا بالجود و الإيثار .
٣- تعظيم الحقوق ، فمتى عظمت الحقوق عند امرئ قام بحقها ورعاها حق رعايتها ، و أيقن أنه إن لم يبلغ رتبة الإيثار لم يؤد الحقوق كما ينبغي فيحتاط لذلك بالإيثار .
٤- الاستخفاف بالدنيا ، والرغبة في الآخرة ، فمن عظمت في عينه الآخرة هان عليه أمر الدنيا ، وعلم أن ما يعطيه في الدنيا يعطاه يوم القيامة أحوج ما يكون إليه .
٥- توطين النفس على تحمل الشدائد والصعاب ، فإن ذلك مما يعين على الإيثار ، إذ قد يترتب على الإيثار قلة ذات اليد وضيق الحال أحيانا ، فما لم يكن العبد موطنا نفسه على التحمل لم يطق أن يعطي مع حاجته .
الحادي عشر :-
فوائد الإيثار :-
أولها :-
على الفرد :-
١- القضاء على البخل والأنانية .
٢- التدريب على البذل والعطاء .
٣- القبول عند الناس والقول الحسن .
ثانيها :-
على المجتمع :-
١- انتشار حسن التعاون والتكافل .
٢- توثيق الأخوة والمحبة بين الناس .
٣- تجنب العداوة والحقد في المجتمع .
الثاني عشر :-
أمثلة على الإيثار :-
أولها :-
أثار الأنصار :-
لقد ضرب لنا الأنصار مثالا رائعا في الإيثار والتضحية ؛ فلما قدم المهاجرون من مكة ، قدموا وهم لا يملكون شيئا ، فقد تركوا أموالهم و أرزاقهم ومصالحهم خلفهم ، فما كان من الأنصار إلا أن قاسموهم كل ما يملكون ، من مال وعمل وحتى زوجاتهم فكانوا خير مثال في الإيثار والتضحية .
ثانيها :-
إثار الأشعريين :-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"إنَّ الأشعريِّين إذا أرملوا في الغزو ، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ، ثمَّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسَّويَّة، فهم منِّي، وأنا منهم ".
ثالثها :-
إيثار أبو طلحة الأنصاري :-
كان ثريا وله أملاك في المدينة ، وكان عنده أرض اسمها بيرحاء ، وكان يحبها حبا شديدا من دون جميع أملاكه ، فلما نزلت الآية الكريمة "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ " .
جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وتبرع بها صدقة لله .
رابعها :-
إيثار سيدنا على :-
لقد ضحى سيدنا علي رضي الله عنه بنفسه فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبات في فراشه يوم الهجرة ، عندما عزم المشركون على اقتحام بيته وجمعوا من كل قبيلة رجل ليقتلوه و يتفرق دمه بين القبائل .
خامسها :-
إيثار سيدنا طلحة :-
لقد ثبت أن الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأرضاه قد استمات في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وقد وقع بالرسول صلى الله عليه وسلم الكثير من الجراح ، فشوهد طلحة ويده كلها مقطعة أشلاء ؛ كان يدافع بها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام .
الثالث عشر :-
الرسول القدوة و الأيثار :-
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: -
« أنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا، أَتَدْرُونَ ما البُرْدَةُ؟ قالوا:- الشَّمْلَةُ، قالَ: -
نَعَمْ،
قالَتْ: -
نَسَجْتُهَا بيَدِي فَجِئْتُ لأكْسُوَكَهَا، فأخَذَهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا، فَخَرَجَ إلَيْنَا وإنَّهَا إزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ، فَقالَ: -
اكْسُنِيهَا، ما أَحْسَنَهَا، قالَ -
القَوْمُ: -
ما أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وعَلِمْتَ أنَّهُ لا يَرُدُّ ، قالَ :-
إنِّي واللهِ، ما سَأَلْتُهُ لألْبَسَهُ، إنَّما سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ).
أحبتي في الله:-
الخلاصة :-
الإيثار هو علامة الإيمان والمظهر الخارجي للحب الصادق تجاه الإخوان ، حيث التفاني والتضحية من أجل الآخرين لوجه الله سبحانه وتعالى ، والمؤمن الصادق هو الذي يقدم نفسه للخطر ليسلم الآخرون، و يؤخرها عند المكاسب ليغنموا ، والمؤمن الصادق هو الذي يتعب نفسه من أجل راحة الآخرين
وهنا لنا
سؤال من الأهمية بمكانة
متى نرى إيثار الأمة العربية والإسلامية في العصر الحديث ؟
حال أهلنا في غزة يشاهده العالم كله
أين إيثار الأمة الإسلامية والعربية من أجل أخواننا في غزة ؟
متى يا أمة الحبيب نرى إيثار الأمة الإسلامية والعربية ؟
"إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"
(الأنبياء -٩٢)
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"
(محمد -٧)
"أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ"
(البقرة- ٢١٤)