وطني الذبيح المضرح بالدماء
وطني المستباح بنار العدى
أنا الطفل الذي إعتاد النزوح
والجوع والخوف...!
الجالس ذلا وقهرا عند الخيام
وبين الركام....!
نسيت كراسي ومقلمتي...!
وضاعت ملامح الطرق إلى مدرستي
نسيت معنى الطفولة وطعم الصبى
غريبا وجائعا أبحث بين الركام
عن أمي وأبي...!
وعن باقي رغيف وطن...!
وألعابي الصغيرة وتلك الدمى...
تعبت من الرعب والقصف والخوف
سمائي غبار ونار وموت...!
فراشي حميم اللظى....!
غاصبي يصنع الموت عندي
أرى الخيانة في عين أخي
مدى ومدى...!
مهما عدوي أمعن قتلي
قاصدا محوي من على
أرض جدودي وأهلي
ينوي بالقتل إبادة نسلي
أقول له: مهما أمعنت القتل عدوي
فإني أنا الأصل والأرض...!
أنا الفجر والصبح والليل...!
أسري مع الشمس لأرضي شعاعا ونور
أنا الحجر في أرضي والصخور
مهما قتلت منا البشر...!
مهما ٱقتلعت من الأرض الشجر
سأنبت برعما من باقي الجذور
سأنزل مع همي المطر...!
وآتي مع الريح لأرضي خير قدر
أنا في صميم الصعيد بذور...
أنا ٱبن الأديم وابن التراب
أنا ابن الودود الولود...!
واسأل عني آبائي والجدود
أصيلا بأرضي ولست هجينا...
ولدت من الأرض كالفطر
عبقت الثرى مثل الندى
وفتحت عليها كلون الزهر
وإن مت عليها شهيدا
فأرضي مدى العمر تربو
بمليون غيري ...!
وأمي مدى الدهر حبلى
يا بن العقيمة...!
القادم من نفايات الورى...!
القادم من خلف ألف بحر وبحر...!
ومن ألف بلد وشتات....!
أنا في أرضي طلع الشجر
وأنا البرعم والنبات
فاقتل وامعن بقتلي
واقتلني مليون مرة...!
وٱمطرني بأطنان نار وأطنان بارود
فأمي الولود دوما عنود ...!
تعاود حملي وبمثلي دوما تجود
وتحبل بعدي بمليون جنين
و مليار طفل...!
وهات قواتك وهات أساطيلك
تنازل أمي كل ولادة
وتمنع عنها المخاض...!
وتمنع عني الرضاعة...!
سأبلغ وقتها الفطام باكرا
وتخر جبابركم سجدا...!
مهما أساطيلكم حاصرتنا
ومهما قوى شركم تتنادى
سأبقي ثابتا كصخر الجبال
ولون الصباح وطعم السحر
سأبقى في الوادي كالليل
حين تمضى المياه...
ويمضي الغثاء والسيل
لأبقى في المجرى صلب الصخر
وطني الذبيح المضرح بالدماء
وطني المستباح بنار العدى....!