mardi 24 juin 2025

✍️ بقلم: جُبْرَان العَشْمَلِي

❖ دفء الذاكرة المباغت ❖

✍️ بقلم: جُبْرَان العَشْمَلِي

هناك، في لحظة لا تشبه اللحظات، حدث شيءٌ لم يُروَ من قبل،
شهقةٌ دفعتني إلى حافة العدم،
كأن طفلاً رضيعًا ابتسم فجأة،
في نقطةٍ من الذاكرة حيث الزمن نسي أن يغلق جفنه،
وحيث الصمت كان أعمق من كل الكلمات التي لم تُقل.

شيء غريب،
كقطرة ضوءٍ تخترق عتمة كهفٍ مهجور،
تخترق جدار السكون،
تنقر على تجاعيد الذاكرة،
كما ينقر الحنين على زجاج القلب حينما يشتدّ البرد،
فتتحرر أصداء الماضي الهامسة،
وتبدأ رحلة ترتيب فوضى الذكرى.

لحظة خاطفة،
أيقظت ما كان نائمًا في دهاليز الزمن،
أزاحت الغبار عن صورٍ كنت أظنها ماتت،
همست لي بنبوءةٍ غريبة، لا تشبه أي نبوءة،
تلك التي تأتي بلا إعلان، بلا تفسير،
بل لتُشعل في القلب لغةً لا تُقال.

سأحدثك همسًا،
كما يحدّث الغيم شجرةً ظمآنة،
سأسر إليك بشيء دافئ،
يشبه كف أم تلامس جبين طفلها في صباح شتاء موجع،
حين لا تحتاج الكلمات،
وحين لا يُعبر السلام إلا بالارتجاف الأول للقلب الذي يعود إلى طمأنينته.

قد تشرُدين مع الكلمات،
بل لا بُدَّ أن تفعلي،
حين أخبرك أني رأيتك رؤيتين مختلفتين:

في الأولى، كنتِ في المنام،
توزعين الورد على أرصفةٍ عطشى للحب،
تمشين خفيفةً، كأنك صلاةٌ تهب بهدوء،
تنشدين للحياة بسبع قراءات،
لا يفك شفرتها إلا من سكن القصيدة قبل أن تُكتب.

كنتِ نبيّة صغيرة،
ترتّلين الفجر الأول في وطن لم يولد بعد،
وكنت هناك،
أقف على هامشك،
منتظرًا أن يُوحى إليّ باسمك.

وفي الرؤية الثانية،
كنت أنتِ، ولكنك تجلّيت بلغة لا يفهمها إلا الصمت،
لغة مكتوبة بظلال الأصابع وعطر النسيان،
كأنك حلم يفسّر نفسه بنفسه،
ويترك في قلبي أثرًا لا يمحى.

آه، ما أغرب هذه الرؤيا،
وما أجمل أن تكون دهشةً،
تطرق بوابة الذاكرة في مساءٍ خالٍ من المعنى،
فتولد الحياة من جديد،
وتشرق الشمس على خرائب القلب بوهج الأمل.

---
⟢ الختام: بين الحلم والذاكرة، بين النبوءة والدفء ⟣

فهل كانت رؤياي نبوءة؟
أم هل كنتِ أنت،
ذلك الضوء الذي اخترق عتمة روحي، ليعيد ترتيب المعنى؟
أم كنتِ الحلم الذي انتحل هيئة ذاكرة،
ليعلمني أن بعض الرؤى،
لا تُفسَّر،
بل تُعاش مرةً واحدة،
وتظل ترتجف في القلب،
كأنها أول حب،
أو آخر وطن.

الأستاذ علي مباركي

امسك قضاك يا قدر ***بقلم علي مباركي لا تعاتبني يا قدر قد سلتني تلك النذر  أكتوت روحي من صقر  قد لظاني منذ الصغر  كان بردا سليم العبر  زمهري...