بين قهوتي والموج
****************
إذْ ضَجَّ صَوْتُ العُمْرِ فِي أَرْجَائِي
هَرَبَتْ خُطَايَ لِظِلِّهِ الوَرْدِيِّ
أَحمِلُ لِلبَحرِ الوُجُودَ مُثْقَلًا
فَيَضُمُّنِي بِحَنَانِهِ الوَفِيِّ
أُجْلِسْ مَعِي قَهْوَتِي وَأُنْصِتُهُ
فَيُصْغِي لِي بِمَوْجِهِ الهَادِي
أَبُثُّهُ شَكْوَى قَلْبِيَ المُتْعَبَ
فَيَلْمُمُ جُرْحِي، يَحْتَوِي أَسَايِ
كَأَنَّهُ الخِلُّ الصَّفِيُّ بِنُبْلِهِ
يُوَاسِينِي بِحَنَانِهِ السَّخِيِّ
أَنْسَى الزَّمَانَ وَكُلَّ مَنْ آذَانِي
فِي حُضْنِهِ أَسْكُنْ، وَأَنسَى مَا خَفِي
فَيَهْتَزُّ مَاؤُهُ كَاتِبًا حِكَايَتِي
وَيَرْسُمُ الذِّكرَى عَلَى الوَرَقِ النَّقِي
وَالنَّوَارِسُ تَحْلِقُ فَوقَ أَحْلَامِي،
كَأَنَّهَا تَرْوِي السَّمَاءَ بِوَجْدِهَا النَّقِيّ
هَلْ فِي البَرِيَّةِ مِثْلُهُ فِي وَفَائِهِ؟
هُوَ الصَّفِيُّ، وَمَلْجَئِي، وَرَفِيقُ دَرْبِي
فِي صَمْتِهِ أَلْقَى السُّكُونَ مُعَاتِبِي
وَأُرَاجِعُ الأَيَّامَ فِي الصَّدْرِ النَّقِي
أُسَائِلُ الأَمْوَاجَ: هَلْ مِثْلِي انْثَنَى؟
قَلْبٌ أَضَاءَ الدَّرْبَ وَهْوَ التَّقِيّ؟
فَتُجِيبُنِي: مَا الضَّوْءَ يُطْفِئُهُ الأَسَى
إِنْ كَانَ فِي الأَعْمَاقِ صَوْتٌ نَقِيّ
فَأُطِيلُ حَدِيثِي، وَالدُّمُوعُ كَأَنَّهَا
تَجْرِي لِتُغْسِلَ خَافِقِي المُنْدَمِي
دَمْعِي شَهَادَةُ صِدْقِ رُوحِي، لَيْسَ عَارًا
فِيهِ انْجِلَاءُ الحُزْنِ فِي اللَّحْنِ الخَفِيّ
وَكَأَنَّ فِي الأَمْوَاجِ نُطْقًا صَادِقًا
يُشْفِي الجِرَاحَ بِمَائِهِ السَّحَرِيِّ
فَأَعُودُ مِنْهُ وَقَدْ تَنَفَّسَ خَافِقِي
وَانْجَلَتِ الغُمَّاتُ عَنْ أُمْسِيَ الكَئِي