تلهو الصبيان ويصرخون ... يمتعون من يرى فى لعبهم متعة وبراءة للطفولة.. يزعجون من يرغب فى الهدوء... يجدون هنا ضحكات وابتسامات ... أما هناك فيجدوا السباب والسخط ... والطفولة تعلن عن جمال أصحابها رغم كل التراب والطين الذى لحق بهم وغطى الجسد والملبس فالايادى ملطخة بالطين والوجوه متسخة بالتراب تزيد متعة للمستمتع ... وغضبا عند الغاضب وتنادى الأمهات من الشرفات بسرعة الهروب من الشارع خوفا من الحر وشدته والجوع وقسوته فيسرع منهم من يسرع ويتباطأ من كانت متعة اللعب عنده اهم من قسوة الحر والجوع .. واتت من هناك من قريب يد تبطش " الا تسمع نداءات أمك ايها الاحمق ؟! ينظر الطفل مصدوما فإذا الاب غاضبا " هيا اسرع والا قتلتك ضربا " ... يسرع الطفل و يرتعش خائفا باكيا إلى أمه ساقطا على الأرض مغشيا عليه لا يجد سمعا لسبابات أبيه ولا لومات أمه ... الجده تصرخ وتنظر لابنها وتلوم " لقد اضعت فرحته وسروره ... كان يلعب من الصباح وضحكته تملأ دنيانا بهجة وتجذب حفيدها جذبة ظاهرها قوة وباطنها رحمة ورأفة ويعلو صوتها " لا اسمع للولد همسا " ... تحمله على كتفها وتجرى فى الشارع غير بالية لنداء الان أن تنتظر حتى ترتدى حذاءها ... ولم يكن طبيب الصحة ببعيد حتى نظر إلى الطفل الراقد الصامت لا يتحرك منه سوى خصلات من شعره الناعم الذهبى تطير وتهبط بفعل نسمة عابرة أتت ضيفة خفيفة فى هذا اليوم الحار ... حتى نظر الطبيب نظرة أوقفت القلوب والانفاس وقال كلمة لم تجد طريقها للتصديق وتصرخ الجدة " كيف والشعر الناعم يطير كما ترون ؟! " وصمت الطبيب فلم يجيد غير الصمت حتى قال اخر " الشعر يطير بالريح وليست الروح "
حماده محمد.