mercredi 27 août 2025

🖊 الأستاذ حسين عبدالله جمعة

عندما يسقط الكنار
 حسين عبدالله جمعة

ضمَّ جناحيه إلى جسده المتعب،
وتكوّم في زاويةٍ ضيّقة من قفصٍ
حسبه يوماً مأوى،
وظنَّه مسكناً يليق بتغريداته الحالمة.

لكن القفص،
الذي فاض أنيناً وشكوى،
غدا أثقل من صبره،
وأقسى من طاقته على الانتظار.

كان الكنار يرقب الربيع…
يحلم أن يهدم جدرانه،
أن يفتح باب الحرية،
أن يخلّصه من عزلته الإرادية.

غير أنّ الربيع خانه،
كما خانه البشر من قبل،
وكما خانته أيادٍ ظنّها عوناً،
فإذا بها تصفق طرباً لتغريدات استغاثته،
حسبوها أناشيد فرح!

---

جاء الربيع…
لكن لا بزهوره الموعودة،
بل كإعصارٍ عاتٍ وعاصفةٍ جارفة،
أطفأ ما تبقّى من أمله،
حتى أيقن أنّ لا أحد يستحق صوته،
ولا حتى ريشه المصبوغ بلون الذهب والشمس.

فأسلم الروح،
ورحل تاركاً أقفاصاً مبلّلة بالحنين،
ورحيلاً مشبعاً بالخذلان.

---

لقد اختار أن يحيا في قفص،
ظنّاً أنّ التضحية تُسعد الآخرين،
فأحرق نفسه كما الشموع:
يضيء… ويذوب… ويفنى،
حتى صارت لعنته على الظلام،
لا على السجن!

لكنهم…
لم يروا إلا ما أرادوا،
لم يلتقطوا رسائله،
لم يُصغوا إلى نزفه الصامت.

---

أيها الساديّون،
يا أبناء هذا العصر،
تعاملتم معه كقانون احتمالات،
كما لو كان معادلةً تخدم نزواتكم المتجدّدة!

رحل الكنار مبتسماً ساخراً،
رحل إلى عالمٍ آخر…
قد يكون أقسى بصراعاته،
لكنّه – حتماً – أرحم منكم،
ومن مسرحيةٍ هزليةٍ عنوانها:
تفانٍ مذبوحٌ بصمت.
حسين عبدالله جمعة

غريدةٌ.......  ___________ غريدةٌ تشبه بلابله الصباح              ألوانها وجمالها تفوقَ الملاح.. ولطيفةٌ بهدوء روعتهِ النسيم               و...