mercredi 20 août 2025

بقلم/ ولاء نبيل

..امرأتانِ من حديد..

امرأة عجوز تأتى في إحدي الأمسيات التي يحضرها الكثيرون،استأذنت للحديث سمح لها المشرفون رغم عدم معرفتهم بها،ولكنهم قاموا توقيراً لشيبتها،استهلت حديثها قائلة: لربما تستغربون وتتعجبون لكوني أقف بينكم الآن لا لأقص عليكم بعضاً من أشعارى وكلماتى،ولكننى أتيت اليوم أحمل لكم رسالة سامية علّكم تعتبرون بها في حياتكم المستقبلية،ولتتذكرونى دائماً 
هل ترون علامات الشيب والتجاعيد التي تغزو رأسي ووجهى؟؟
 قد تظنون أنني بلغت الثمانين من عمرى،سأفاجئكم بأنى لم أتخط الخامسة والخمسين،ولكنها بعض الكلمات التي تمتمت بها الفتاة التي أتت للعمل في بيتى ،فتاة رقيقة تحمل كل معانى الإنسانية فى قلبها،قطة غمضاء لم تفتح عيناها على الدنيا قط،وفى المقابل لم تجد منى سوي المكر فى أبشع صوره،والتنكيل بروحها فى كل غدوة وروحة،كانت تحبنى حباً شديداً ببراءتها،فتاة على الفطرة النقية لم تشوبها عكارة قط،كانت تبكي ليلها متساءلة ماالذي فعلته لأعاملها بهذه المعاملة القاسية ولاتجد جواباً ،وتناسيتُ من شدة قساوتى أننى لدىّ ابنة،وفى إحدى الليالى حينما اشتد يأسها وبكاءها رفعت يداها إلي السماء:يارب أذق ابنتها كما أذاقَتنى:
مر عامين وتزوجت ابنتي وطرت فرحاً وبلغت السعادة مني مبلغاً شديداً ،ونسيت ما فعلته بهذه المسكينة وكيف أن الله سبحانه وتعالى ديّانٌ لايموت،أصيبت ابنتى بمرضٍ نفسى لايُعالج وترفض ابنتي كل محاولات الاستشفاء لتزيد قهرتى وحسرتى أكثر فأكثر ،وعاملها زوجها وأهله كخادمة،لايكنّون لها أي تقدير ولاإنسانية،تعيستانِ حد الشقاء ابنتى وأنا،
جُوبت الشوارع والبلاد بحثاً عن بارقة أمل فى شفائهاولم أجد ،
خمسة عشر عاماً من الحسرة والكسرة والقهرة،بكلماتٍ تمتمتها سفيرة الإنسانية والفطرة النقية ،امرأتانِ من حديد !!
أنا امرأة حديدية؛فأنا مَن كنتُ أمسك بالعصا الغليظة القاسية،وهي أيضاً امرأة حديدية لما لاقته منى من أهوالٍ صابرةً صامدة،
وها أنا ذا بينكم الآن أقص عليكم حكايتي ،علّكم تفكرون آلاف المرات قبل أن تتفوهوا بكلمةٍ، لربما أصابت أحدهم فى مقتلٍ فقام يناجى ربه باسمك في جوف الليل فتصبح حياتك كقطعة من الليل،ولتترحمون علي سفيرة الإنسانية التي لم أستطع اللحاق بها كى أطلب منها عفواً يريحني ويريح ابنتي،
ثم غادرت المرأة في صمتٍ بعدما ضجت القاعة ببكاء الجميع.
بقلمي/ ولاء نبيل

بقلم:جــــــــبران العشملي

❖ تمرد الحروف ❖                            ▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁▁ لم أتعلم الكتابة إلا كما ينساب دمي على الورقة،   أفجّر حروفًا كفقاعات ع...