dimanche 17 août 2025

حسين بن قرين درمشاكي كاتب وقاص ليبي

ق.ق.ج/التراب الذي ينبض

الإهداء: الى الأسير البطل: مروان البرغوثي.
 

كانت الأصفاد باردة على معصميه. كان صوت صريرها عند كل حركة يذكره بالأسوار التي تحيط به. رفع مصطفى يديه ببطء، وكأنه يرفع شيئًا ثقيلًا جدًا، إلى أن وصلتا إلى مستوى وجهه. نظر إلى انعكاس صورته المشوشة في الحديد المصقول. رأى عينين متعبتين، لكنهما تحملان شرارة لم تنطفئ، وخطوطًا عميقة حول الفم تروي قصصًا بلا كلام.
في زاوية الغرفة، كان شعاع شمس خافت يتسلل من شباك صغير. كان الضوء يرقص على ذرات الغبار، يرسم لوحةً خيالية. مدّ مصطفى إحدى أصابعه، وكأنه يحاول لمس الوهج. أصابته رعشة خفيفة؛ لم يكن الضوء، بل كان تذكرًا. في تلك اللحظة، لم يكن يرى جدران الزنزانة، بل رأى أشجار الزيتون التي غرسها في أرضه، ورأى وجوه الأطفال الذين كانوا يركضون بينها.
سمع صوتًا خافتًا من الزنزانة المجاورة. كان صوت رجل عجوز يسعل. ثم سمع همهمة ضعيفة: "هل هذا حُكم على الحياة أم على الموت؟"
لم يجب مصطفى مباشرة. انحنى ببطء على ركبتيه، وضع إحدى يديه المقيدة على الأرض الباردة. كان يلامس التراب، وكأنه يريد أن يشعر بنبضه. رفع رأسه نحو السقف الخرساني، وتأمل. كان هناك شق صغير في السقف، يكفي لمرور حبة رمل. فكّر: "حتى في أشد الأماكن ظلمة، يمكن للضوء أن يجد طريقه."
عاد ورفع رأسه. وضع يده الثانية على صدره، حيث كان قلبه ينبض بقوة. غمض عينيه. تخيل أن الأصفاد قد اختفت، وأن يديه حرتان، يلوحان في الهواء. ابتسم، ابتسامة خافتة تكاد لا تُرى، لكنها كانت أوسع من أي سجن.
نهض ببطء، عاد إلى موضعه قرب الجدار. كانت الظلال تلتصق به كأنها جزء منه. نظر إلى يديه المقيدتين مرة أخرى. ابتسم.

حسين بن قرين درمشاكي
كاتب وقاص ليبي

( دقة زار 2 )       دق يا واد دقة ... دقة على الراس        ضحكوا عليها وقالوا عليكى حراس        واحد اسود وأحمر لابس قرطاس       ماسك قلم ...